لثلاثاء 20 شوال 1431

إثبات الشافعي للمجاز في اللغة والقرآن

كتبه 
قيم الموضوع
(5 أصوات)

  

    من أهم القضايا الأصولية المتعلقة بالكتاب والسنة، قضية إثبات المجاز فيه، وقد تعرض لها الأصوليون عند الكلام عن القرآن الكريم، أو في مباحث الدلالات، وقد اختلف النقل فيها عن الشافعي رحمه الله، وسأحاول في هذا المبحث الوصول إلى النقل الصحيح عنه بإذن الله تعالى، مع تبيين سبب الاختلاف عليه ونوعه، من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: مذاهب الأصوليين والمنقول عن الشافعي

المطلب الثاني: توضيح مذهب الشافعي والرد على من أخطأ عليه

 

إثبات الشافعي للمجاز في اللغة والقرآن

 

المطلب الأول: مذاهب الأصوليين والمنقول عن الشافعي

قبل أن أذكر مذهب الشافعي من نصوصه والفروع المبثوثة في كتبه، فإنه من المهم ذكر المذاهب الواردة في هذه المسألة، والمنقول منها عن الشافعي حتى تكون الدراسة أكمل والنظرة أشمل لهذا الموضوع.

الفـرع الأول: مذاهـب الأصوليـين

اختلف الأصوليون في قضية إثبات المجاز ونفيه على مذاهب أجملها فيما يأتي:

المذهب الأول: إثبات المجـاز مطلقـا

أي إثبات المجاز في اللغة والقرآن على حد سواء، وهو مذهب جمهور الأصوليين ونسب إلى الأئمة الأربعة([1]).

المذهب الثاني: نفي المجـاز مطلقـا

وهذا مذهب أبي إسحاق الإسفرائيني، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم([2]).

المذهب الثالث: القائلـون بإثبات المجـاز في اللغـة دون القـرآن.

وهو مذهب ابن داود وابن خويز منداد وبعض الظاهرية وكثير من المالكية والحنابلة([3]).

المذهب الرابع: القائلون بإثباته في اللغـة دون القرآن والسنـة.

نسبه الرازي إلى ابن داود الظاهري([4]).

المذهب الخامس: القائلـون بإثباته في اللغـة، ولا يقال به في القـرآن والسنـة إلا حيث ورد به النص، أو قام عليـه الإجمـاع، أو دلت عليـه ضرورة الحـس.

وهذا رأي ابن حزم الظاهري ([5]).

الفـرع الثاني: المنقـول عن الشـافعي

المنقول عن الشافعي رحمه الله من هذه المذاهب قولان، بيانهما في الفقرتين الآتيين:

الفقرة الأولى: الناقلون لإنكاره بإطلاق في اللغة والقرآن

أولا: نقـل شيخ الإسـلام ابن تيميـة

قال :« فمعلوم أن أول من عرف أنه جرّد الكلام في أصول الفقه هو الشافعي، وهو لم يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز، بل لا يعرف في كلامه، مع كثرة استدلاله وتوسعه ومعرفته بالأدلة الشرعية أنه سمى شيئا منها مجازا. ولا ذكر في شيء من كتبه ذلك لا في الرسالة ولا في غيرها »([6]).

ثانيـا: نقـل شيخ الإسـلام ابن القيـم

قال :« وهذا الشافعي وكثرة مصنفاته ومباحثه مع محمد بن الحسن وغيره، لا يوجد فيها ذكر المجاز البتة، وهذه رسالته التي هي في أصول الفقه لم ينطق فيها بالمجاز في موضع واحد»([7]).

الفقرة الثانية: الناقلون لإثباته بإطلاق في اللغة والقرآن

وممن صرح بتسمية الشافعي رحمه الله تعالى ضمن المثبتين للمجاز جماعة منهم؛ الباجي وابن العربي والقرافي والزركشي.

والنقل عنه ورد في موضعين من كتب الأصول أوضحهما فيما يأتي.

أولا: عند البحث في إثباته ونفيه. قال الباجي :« فأما المجاز فذهب أكثر شيوخنا إلى أنه في القرآن، وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي »([8]). وأكثر الأصوليين لم يسم الشافعي ولا غيره من الأئمة المشهورين في الفقه والأصول. وإنما يخصون بالذكر من خالف كأبي إسحاق الإسفرائيني وابن داود الظاهري، وقد يذكرون من لم يبلغ في الشهرة موضع الشافعي ولا قارب، مما يدلنا على أن الشافعي عندهم ممن يقول بوجود المجاز في اللغة والقرآن.

ثانيا : عند البحث في فروع إثباته. وذلك يتضمن أيضا النسبة الصريحة له بالقول بالمجاز، ومن ذلك قول ابن العربي :« اللفظ المشترك …إذا ورد مطلقا قال الشافعي رحمه الله يعمم على جميع متناولاته ، وكذلك الحقيقة والمجاز » ([9])، وقول القرافي : « يجوز عند مـالك والشافعي رضي الله عنهما وجماعة من أصحاب مالك استعمال اللفظ في حقـائقه إن كان مشتركا، أو مجازاته أو مجازه وحقيقته خلافا لقوم »([10]) . وقال الزركشي :« الموطن الثاني : ( استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه مثل أن يطلق النكاح ويراد به العقد والوطء جميعا. فيه مذاهب أحدها وهو مذهب الشافعي وجمهور أصحابنا؛ جواز إرادة الحقيقة والمجاز باللفظ الواحد »([11]).

 

المطلب الثاني: توضيح مذهب الشافعي والرد على من أخطأ عليه

 

   بعد أن ذكرت المذاهب وما نقل عن الشافعي منها رأيت أن أقدم بين يدي بيانِ القولِ الثابت عن الشافعي ذكر النصوص الممهدة لذلك، وأن أذيل المسألة ببيان نوع الخلاف.

الفـرع الأول : توضيـح مذهـب الشـافعي

بعد التتبع المقصود لكلام الشافعي رحمه الله تعالى لم أجد في كلامه ما يمكن أن يستفاد منه إنكار المجاز، وربما أكد عدم وجود مثل هذا المطلوب أن من نقل عنه عدم القول به اكتفى بأنه لم يرد في كلامه ذِكره، وأنه لم يعرف عنه أنه قسَّم الكلام إلى حقيقة ومجاز.

ووجدت في مقابل ذلك نصوصا كثيرة يستفاد منها القول بإثبات المجاز في اللغة والقرآن، فآثرت إفرادها لكثرتها ولأن في سياقها بتمامها زيادة للوضوح، وتأكيدا للقول الراجح إن شاء الله تعالى، ولأن هذه النماذج المختارة من كلامه أمثلة عملية وفروع فقهية تبين لنا أهمية المسألة. وقد صنفتها على النحو الآتي :

الفقرة الأولى: صور من المجاز مستفادة من نصوص الشافعي

وقد اخترت من كلامه ثلاثة نماذج تعبر عن جميع أقسام المجاز، إذ المجاز إما أن يكون في الألفاظ، وإما أن يكون في التركيب. فإن كان في التركيب فهو المجاز العقلي أو الحكمي ومثاله أنبت الربيع البقل، وبنى الوزير القصر، وعرِّف بأنه :« إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ما هو له بتأويل » ([12]).

وإن كان في الألفاظ؛ فهو المجاز اللغوي، ويعرفونه :« باستعمال اللفظ في غير ما وضع له أولا، لقريـنة ». وهو قسمان استعارة، وهو ما تكون العلاقة فيه التشبيه. ومجاز مرسل وهو ما تكون العلاقة فيه غير التشبيه([13]).

أولا : مجـاز عقلـي

بحث الشافعي معنى الاستطاعة في قوله تعالى :( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [آل عمران 97]، وهل المريض يمكن أن يكون مستطيعا. فقال :« ومعروف في لسان العرب أن الاستطاعة تكون بالبدن، وبمن يقوم مقام البدن.  وذلك أن الرجل يقول أنا مستطيع أن أبني داري، يعني بيده، ويعني بأن يأمر من يبنيها بإجارة أو يتطوع ببنائها له »([14]).

ثانيـا : مجـاز لغـوي مرسل علاقتـه الأول

بين الشافعي أن بلوغ الأجل في قوله تعالى :(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (البقرة 131) ليس على المعني المتبادر إلى الذهن فقال :« قال-أي مناظره - فما معنى قوله : (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ). قلت : يعني والله أعلم، قاربن بلوغ أجلهن. قال: وما الدليل على ذلك. قلت : الآية دليل عليه، لقوله عز وجل: (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا فلا يؤمر بالإمساك والسراح إلا من هذا إليه، قال: وتقول هذا العرب ؟ قلت : نعم، تقول للرجل إذا قارب البلد يريده أو الأمر يريده قد بلغه، وتقوله إذا بلغه »([15]).

ثالثـا : مجـاز الاستعـارة علاقته الحلـول الاعتبـاري ([16])

بين الشافعي المقصود بالشهادة في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (النور6) إنما هو اليمين وليس ظاهر لفظ الشهادة. فقال:« إنما معناها معنى اليمين ولسان العرب واسع. قال- أي المناظر له- وما يدلك على ذلك؟، قلت : أ رأيت لو كان شهادة، أ تجوز شهادة المرء لنفسه؟ قال : لا . قلت : فتكون شهادته أربع مرات لا كشهادته مرة ؟ قال : لا . قلـت : يحلف الشاهد ؟. قال : لا. قلت : هذا كله  في اللعان »([17]).

الفقرة الثانية: التصريح بأن للفظ معنى موضوع له

إن التفسيرات التي نقلت عن الشافعي رحمه الله تعالى، استعمال للألفاظ فيما استعملته العرب، لكن انطباق اللفظ على ذلك المعنى ليس أصليا، أو قل :«ليس بالوضع الأول ». أو «ليس هو المتبادر إلى الذهن ». لذلك احتاج في كل مرة إلى الدليل والقرينة لأجل ترجيحه. وهذا ما اصطلح على تسميته مجازا، وعُرِّف بأنه: «استعــمال اللفظ في غير ما وُضِع له أولا لقرينة »([18]).

ومما يدلنا على مذهب الشافعي  في هذه المسألة ويؤكده استعماله لكلمة الوضع بالمعنى الصحيح في الاصطلاح، الذي هو « تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه بلا قرينة ».وهذان نصان من كلامه ؛

الأول : قال رحمه الله تعالى :« فإن قال: فمــا اللسان ؟ قيل : القرء اسم وضـع لمعنى، فلما كان الحيض دما يرخيه الرحم فيخرج، والطهر دم يحتبس فلا يخرج. كان معروفا أن القرء هو الحبس، لقول العرب هو يقري الماء في حوضه وسقائه. وتقول العرب هو يقري الطعام في شدقه، يعني يحبس الطعام في شدقه »([19]).

الثـاني : قال رحمه الله تعالى :« وليس للأدهان اسم موضوع عند العرب، وإنما سميت بمعاني أنها تنسب إلى ما تكون منه ……….. والعسل الذي لا يعرف بالاسم الموضوع والذي إذا لقيت رجلا فقلت له عسل، علم أنه عسل النحل … وقد سميت الأشياء من الحلاوة تسمى بها عسلا، وقالت العرب للحديث الحلو، حديث معسول، وقالت للمرأة الحلوة الوجه معسولة الوجه، وقالت فيما التذ به هذا عسل … فقالوا: لكل ما استحلوه عسلٌ ومعسولٌ على أنه يستحلى استحلاء العسل»([20]).

الفـرع الثاني : الـرد على من أخطـأ على الشـافعي

بعد ما سبق نقله في الفرع الأول، يظهر جليا أن الشافعي من مثبتي المجاز بإطلاق، وإن لم يستعمل هذا اللفظ. ولتأكيد هذا الأمر، أرُد ما تمسك به من نسب إليه خلاف ما توصلت إليه، ثم أبين نوع الخلاف في هذه المسألة.

الفقرة الأولى: رد ما تسمك به شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم

حاصل ما تمسك به ابن تيمية وابن القيم عدم ذكر الشافعي للمجاز، ولا لتقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، وجوابه فيما يأتي :

أولا : أن الشافعي رحمه الله تعالى إنما لم يستعمل لفظ المجاز، لأنه لم يظهر ولم يصطلح عليه إلا في زمن من كان بعده، مثله مثل كثير من المصطلحات الأصولية كالمنطوق والمفهوم، والنص والظاهر، وقياس العلة وقياس الشبه. فعدم ذكره للفظ أو التقسيم لا يعني أنه لا يثبت المعنى. وهو في الرسالة وغيرها لم يعرف كثيرا من الأمور التي كانت واضحة، خاصة المعلوم منها من لسان العرب، ثم إنه لم يكن من منهجه الإصرار على تعريف المصطلحات كما بينته في المقدمات([21]).

فمن نسب إلى الشافعي عدم القول بالمجاز فالظاهر أن الخلاف معه لفظي، لأنه يقول هذه أساليب عربية وهي حقيقة تدرك بالقرينة. والاصطلاح قائم على أن المعاني التي لا تدل عليها الألفاظ إلا بالقرينة تسمى مجازا.

وعدم تسمية الشافعي لهذا المعنى مجازا، وعدم تقسيمه للكلام أو البيان إلى حقيقة ومجاز، لا يمنع من تسمية الناقلين للسان العرب بذلك لما ظهرت الحاجة إلى التقسيم والتسمية. قال ابن السمعاني :« ولهذا يسمى النحاة الضمة المخصوصة رفعا، والفتحة نصبا، ولم يلحقهم بذلك عتب »([22]) .

ثانيـا : ولا نُسلم أن الشافعي لم يذكر المجاز أو لم يشر إليه، بل قد ذكره ومثل له فقال :« باب الصنف الذي يبين سياقه معناه. قال تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) (الأعراف:163). فابتدأ جل ثناؤه ذِكر الأمر بمسألتهــم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال : (إذ يعدون في السبت). دل على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان، لا في السبت ولا غيره»([23]).

ثالثـا : وقد وجد من أعلام القرن الثالث من قال به لفظا ومعنى، من غير الوقوع في أي محذور من المحاذير. وهو الإمـام ابن قتيبة الدينوري المتوفى سنة (276)، في (تأويل مشكل القرآن)، حيث جعل فيه فصلا للمجاز، ابتدأه بقوله:« وقد تبين لمن قد عرف اللغة أن القول يقع فيه المجاز، فيقال: (قال الحائط فمال، وقال برأسه أي أماله … الخ)».ثم ردَّ على من تذرَّع بالمجاز لنفي الصفات، ونفي حقائق القرآن. وبعد ذلك عاد فرد على منكري المجاز([24]). وقد قال في موضع آخر :« لو قلنا لمنكر هذا كيف تقول في جدار رأيته على شفا انهيار. لم يجد بُدا من أن يقول يهُم أن ينقض، أو يكاد أو يقارب، فإن فعل فقد جعله فاعلا، ولا أحسبه يصل إلى هذا المعنى في شيء من ألسنة العرب والعجم إلا بمثل هذه الألفاظ »([25]).

الفقـرة الثانية : نوع الخـلاف في المسـألة

   الذي يظهر لي أن الخلاف في المسألة لفظي، أعني بين المختلفين على الشافعي رحمه الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك كان مذهب الشافعي واحدا اتفاقا. وهو المذكور فيما سبق.

بل ويتعين القول بأن الخلاف بين الأئمة في هذه المسألة لفظي -أي في التسمية بعد إثبات المعنـى- لأن القول بمنع المجاز لفظا ومعنى مكابرة ينـزهون عنها، قال ابن قدامة :« وذلك كله مجاز لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه، ومن منعه فقد كابر ومن سلَّم وقال: لا أسميه مجازا، فهو نزاع في العبارة، ولا فائدة في المشاحة فيه»([26]). والرأي نفسه رآه القاضي عبد الوهاب وابن التلمساني ([27])، وكذلك الحافظ ابن رجب، الذي بين سبب الخلاف ودوافعه فقال :« ومن أنكر المجاز من العلماء فقد يُنكر إطلاق اسم المجاز، لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنة ومدلولاتها. ويقول غالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة، ونحوهم من أهل البدع، وتطرقوا بذلك إلى تحريف الكلم عن مواضعه، فيمتنع عن التسمية بالمجاز، ويسمى جميع الألفاظ حقائق. ويقول : اللفظ إن دل بنفسه فهو حقيقة في ذلك المعنى، وإن دل بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الأخر، فهو حقيقة في الحالين »([28]).

   ومن ظن أن العرب تعدل إلى المجاز عند العجز فقد أخطأ، بل هي تقصد بهذا العدول معانٍ كثيرة، تزيد الكلام بلاغة([29]). وفي القرآن عام يراد به الخصوص، ومطلق قُيِّد، ومجمل يحتاج إلى البيان، ولم يجعل ذلك نقصا في حق الله تعالى. ومن ظن أن الحقيقة هي الحق، وضدها الباطل الذي ليس بحق فقد أخطأ أيضا، لأن الحقيقة هي استعمال اللفظ فيما وضع له سواء كان صدقا أو كذبا، فقول النصارى« الله ثالث ثلاثة» ليس بحق، وهو حقيقة فيما أرادوه. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:« يا أنجش رويدك سوقك القوارير »([30]) صدق وحق وليس بحقيقة([31]). وكذلك إن قيل:« هذا مدخل إلى التلاعب بالنصوص، وتعطيل مدلولاتها » يقال:« إنما ثبت هذا القسم باستقراء لسان العرب في الجملة، فلا تحمل الكلمات إلا على ما جاء في كلام العرب في التفصيل، وصرف الكلام من الحقيقة إلى المجاز تأويل، والتأويل له شروط معروفة ».

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 



[1]/ المعتمد لأبي الحسين البصري (1/23) العدة لأبي يعلى (2/665) إحكام الفصول للباجي (1/193) المحصول للرازي (1/332) الإحكام للآمدي (1/74) المسودة لآل تيمية (564) النهاية للهندي (2/326) البحر المحيط للزركشي (1/182) شرح الكوكب المنير لابن النجار الحنبلي(1/191).

[2]/ الوصول لابن برهان (1/97) الإحكام للآمدي (1/72) شرح المعالم لابن التلمساني (1/183-184) مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/87) (20/400) مختصر الصواعق للموصلي (231).

[3]/ العدة لأبي يعلى (2/695) التبصرة للشيرازي (177) شرح اللمع للشيرازي (1/169) إحكام الفصول للباجي (1/193) المسودة لآل تيمية (165) البحر المحيط للزركشي (2/182).

[4]/ المحصول للرازي (1/332) قال الإسنوي في نهاية السول (1/357):» كلامه ليس صريحا في النسبة بل هو محتمل «.

[5]/ الإحكام لابن حزم (1/54،531) البحر المحيط للزركشي (2/186) .

[6]/ مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/403).

[7]/ مختصر الصواعق للموصلي (232).

[8]/ إحكام الفصول للباجي (1/193).

[9]/ المحصول لابن العربي (76).

[10]/ شرح التنقيح للقرافي (94).

[11]/ البحر المحيط للزركشي (2/139) وانظر إيضاح المحصول من برهان الأصول للمازري (275).

[12]/ الإيضاح للقزويني (28) علم البيان لعبد العزيز عتيق (144).

[13]/ الإيضاح للقزويني (276) علم البيان لعبد العزيز عتيق (143).

[14]/ الأم للشافعي (2/157).

[15]/ الأم للشافعي (5/170).

[16]/ التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (18/184).

[17]/ الأم للشافعي (7/52).

[18]/ الإيضاح للقزويني (272).

[19]/ الأم للشافعي (5/303).

[20]/ الأم للشافعي (3/29-30).

[21]/ صفحة (94) من البحث.

[22]/ القواطع لابن السمعاني (1/267).

[23]/ الرسالة للشافعي (62-63).

[24]/ تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (109-132).

[25]/ علم البيان لعبد العزيز عتيق (136).

[26]/ روضة الناظر لابن قدامة (1/150) وقال الغزالي (1/199):« فنقول المجاز اسم مشترك قد يطلق على الباطل الذي لا حقيقة له والقرآن منزه عن ذلك ولعله الذي أراده من أنكر اشتمال القرآن على المجاز، وقد يطلق على اللفظ الذي تجوز به عن موضوعه وذلك لا ينكر في القرآن».

[27]/ البحر المحيط للزركشي (2/184) شرح المعالم لابن التلمساني (1/184).

[28]/ ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (1/174).

[29]/ القواطع لابن السمعاني (ا/268) إحكام الفصول للباجي (1/194).

[30]/ البخاري (1044) مسلم (2323).

[31]/ القواطع لابن السمعاني (1/169) إحكام الفصول للباجي (1/194).

تم قراءة المقال 8881 مرة