الأحد 12 رمضان 1431

شرح الثلاثة أصول (الدرس العاشر)

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الأصل الثالث: معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم

قال المصنف:

    وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل-عليه وعلى نبيا أفضل الصلاة والسلام-.

الشرح :

-قوله:"الأصل الثالث..."، ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم تتضمن أشياء تميزه عن غيره من الناس وتحدد شخصه، وأشياء أخرى تبين صفته ودعوته.

 

شرح الثلاثة أصول (الدرس العاشر)

 

-قوله :"وهو محمد بن عبد الله ."، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ" (رواه مسلم). والرسول صلى الله عليه وسلم عربي بمعنى أنه من العرب المستعربة وهم بنو إسماعيل.

-قوله :"والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل" ومن العرب العرب العاربة، وهم العرب القحطانية ومنهم قبيلة جرهم، وليس كل العرب من بني إسماعيل كما يوهم كلامه.

  والعربي كل من تكلم بلسان العرب وإن لم يكن عرقه عربيا كسكان المغرب العربي.

قال المصنف:

  وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبيا رسولا. نبئ بـ (اقــرأ) وأرسل بـ)المــدثر(، وبلده مكة وهاجر إلى المدينة.

الشرح:

    ومما يعيِّن شخص النبي صلى الله عليه وسلم معرفة سيرته إجمالا لذلك فقد ذكر المصنف سِنَّه وهو ثلاث وستون سنة، ومتى أوحي إليه وهو لما بلغ الأربعين، وتعيين بلده الذي ولد فيه، ومهاجره ومستقر أمره.

    وفي كلام المصنف إشارة إلى التفريق بين النبوة والرسالة، اعتمادا على المعنى اللغوي فالنبوة من الإنباء فهي الإخبار، ومجرد الإخبار والتعليم لا يتضمن إرسالا.

     ولكن في الواقع أن النبي مطالب بالتبليغ والتعليم أيضا إذ لا يليق أن يظن بالأنبياء كتمان الحق والسكوت عن الباطل، والتفريق المعتمد هو أن النبي هو من أرسل إلى قوم موافقين سبقه إلى دعوتهم نبي آمنوا به، والرسول من أرسل إلى قوم مخالفين معاندين، والنبي والرسول كلاهما مرسل قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (الحج:52) هذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب النبوات.

قال المصنف:

بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، والدليل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) (المدثر:1-7) ، ومعنى ) قم فأنذر( ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد، )وربك فكبر ( عظمه بالتوحيد، )وثيابك فطهر( أي طهر أعمالك عن الشرك، )والرجز فاهجر( الرجز: الأصنام، وهجرها تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها.

الشرح :

    ومما ينبغي اعتقاده اعتقادا جازما معرفة موضوع رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وهدفه الأول، وهو بيان التوحيد والدعوة إليه والنهي عن الشرك، ومن أصول الضلال في القديم والحديث الجهل بهذه الحقيقة، فالمتكلمون قديما جعلوا هدف الرسالة معرفة الله تعالى بالربوبية وهي جزء من التوحيد لا التوحيد كله، والمفكرون حديثا منهم من حصر هدف الرسالة في تحقيق حاكمية الله تعالى وهي جزء من التوحيد لا التوحيد كله.

    وقدم المصنف النذارة عن الشرك على الدعوة إلى التوحيد على وفق كلمة التوحيد لا إله إلا الله ، وقال تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) (البقرة:256).

قال المصنف:

أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وصلى في مكة ثلاث سنين وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة.

الشرح:

-قوله :"أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد" أي يركز عليه، وهذا لا يعني أنه لم يأمر بغيره، فقد أمر بصلة الأرحام والصدق في الكلام وغيرها، ولكن المقصود لم يؤمر من فرائض الإسلام الظاهرة في هذه المدة بشيء غير لا إله إلا الله، ثم بعدها فرض عليه ثاني ركن في الإسلام وهو إقامة الصلاة.

-قوله:"وبعد العشر عرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلوات الخمس" والمعراج الصعود، وهو من أعظم معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك على متن البراق (دون البغل وفوق الحمار) وكان في اليقظة لا في المنام، وبالجسد والروح معا، وهذا من تمام إعجازه.

   وفي هذه الليلة أمَّ الأنبياء جميعا في بيت المقدس مما يدل على أنه أفضلهم .

   وفيها فرضت الصلاة مما يدل على عظم شأنها، وهي خمس صلوات في الفعل وخمسون في الأجر.

    وقد كلم الرسول صلى الله عليه وسلم ربه في هذه الليلة دون أن يراه، وقال:" نور أنَّى أراه" (رواه مسلم)، وفي ذلك دلالة على أن الله جل جلاله لا يرى في الدنيا.

تنبيه وإضافة:

   ومن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم: معرفة الدليل الأول على صدقه، وهو القرآن المعجز بنظمه وأسلوبه وبمعانيه وأحكامه، وبإخباره عن الغيب وبالحقائق الكونية (العلمية).

   ومنها اعتقاد عصمته صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة وعن مقارفة كبائر الذنوب.

   ومنها محبته صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه صلى الله عليه وسلم، ومن لوازم ذلك: عدم إذايته ووجوب طاعته واتباع سنته وهديه.

 

تم قراءة المقال 3902 مرة