الجمعة 9 جمادة الأول 1436

تجديد فهم القرآن بين العلماء الربانيين والعلمانيين الحداثيين مميز

كتبه 
قيم الموضوع
(9 أصوات)

   الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإن من أهم القضايا العلمية المطروحة في ساحة البحث اليوم قضية التجديد في الدين، التي تناولها كثير من الباحثين من المسلمين وغيرهم بالدراسة والتأليف، فتعددت الدراسات وتنوعت المجالات واختلفت الآراء كما تضادت الاتجاهات، فمن مجالات التجديد المطروقة موضوع تجديد فهم القرآن الكريم، ومن الاتجاهات الموجودة في الساحة اتجاه التجديد الإسلامي التي يدعو إليه العلماء الربانيون، واتجاه التجديد العلماني الذي يدعو إليه الحداثيون، وموضوع هذه المداخلة في عقد المقارنة بين الاتجاهين ، وقد جعلتها في ثلاثة مطالب:
الأول في شرح مفهوم تجديد فهم القرآن عند العلماء الربانيين.
والثاني في شرح مفهوم تجديد فهم القرآن عند الحداثيين –أركون أنموذجا- .
والثالث : في المقارنة بين الاتجاهين.

المطلب الأول : مفهوم تجديد فهم القرآن عند العلماء الربانيين
   إن مفهوم التجديد عند العلماء مستمد من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها"، وقد بين العلماء مدلول الحديث نظريا وتاريخيا، وأنه يتضمن معنيين أساسيين :
الأول: التنقيح والتصفية، وذلك أن الدين مع مرور الزمن تُلصق به شوائب ليست منه ، وأفكار دخيلة عليه فيتصدى هؤلاء العلماء المجددون لإزالة هذه الشوائب، وتطهير الدين من تلك الأفكار .
   وفي موضوع تفسير القرآن وتجديد فهمه فإن جهود العلماء المجددين المعاصرين قد انصبت في السعي إلى إزالة عوائق تقف حاجزا دون الفهم الصحيح للقرآن، وذلك من خلال :
أولا : التحقيق في قضايا التفسير على ضوء ما صح من السنة النبوية، ومن الأمثلة المشهورة في هذا السياق نفي "قصة الغرانيق" المذكورة في كثير من كتب التفسير، فقد نُقدت سندا ومتنا، ورُدت ولم يعد الناس يلتفتون إليها.
ثانيا : التخلص من الإسرائليات المخالفة لما في شرعنا، ومن الأمثلة المشهورة هنا قصة هاروت وماروت التي تنافي عقيدة عصمة الملائكة من الذنوب وغيرها .
ثالثا : نفي الآراء المذهبية التي جعلت القرآن تابعا للمذاهب لا حاكما عليها، حيث أدخلت التأويلات المستكرهة، والتي لا زمام لها وخطام في تفسير كلام الله تعالى؛ حتى لا يناقض عقائد الفرق العقائدية والمذاهب الفقهية؛ التي ينتمي إليها كاتب التفسير، كما هو الحال مع تفسير الزمخشري المعتزلي وتفاسير الأشاعرة وهي كثيرة جدا.
والمعنى الثاني للتجديد : الإضافة، وذلك أن هذا القرآن لا تنقضي عجائبه ولا يحيط عقل بشر بمعانيه كلها ، بل إن معانيه الباطنة الخفية أكثر من أن يحاط بها ، والله تعالى بحكمة بالغة أنزله بصيغ وتراكيب تجعله حمالا للمعاني الكثيرة ، وليس في شكل نصوص قطعية لا تتسع إلا لما دلت عليه بطريق صريح مباشر.
   فالعلماء الربانيون يضيفون في التفسير أحكاما جديدة مستفادة منه، وذلك بتحكيم آيات القرآن في الحوادث النازلة والمستجدات العصرية في العبادات والمعاملات والأقضية والسياسات ونحوها.
   ومما يحرصون على إضافته في العصر الراهن الربط بين الآيات القرآنية وما اكتشفه العقل البشري من علوم تجريبية، وبيان مدى التوافق بين الوحي والتجربة، وكثير منهم يحرص على تجلية الحقائق العلمية في الطب والجيولوجيا والفلك وغيرها استقلالا ليُجعل القرآن مصدرا لهذه العلوم وحاكما عليها لا تابعا لها.
   ومنه فإن مفهوم التجديد عند العلماء الربانيين يصب في بيان إعجاز القرآن في مجال العلوم الكونية، وفي مجال العلوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتشريعية، وتقديم الحلول لمشكلات البشرية، إضافة إلى إزالة العلائق التي حالت بين المسلمين وبين الفهم الصحيح للقرآن وبين أن يستثمروا نصوصه في واقعهم.
    وهذا ما أراده الله منا إذ أمرنا بتدبر القرآن ، وهذا أيضا تحقيق لقوله: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (النحل 89). 
   وتطبيقات هذا التجديد في فهم القرآن نجدها عند علماء الإصلاح في عصر النهضة؛ كالشيخ محمد رشيد رضا والشيخ ابن باديس والشيخ الطاهر بن عاشور  وغيرهم ممن تأثر بهم .
شروط تحقيق هذا التجديد
   ولتحقيق هذا التجديد في فهم القرآن كله أو بعض قضاياه؛ فإن لا بد من توفر جملة من الشروط يمكن أن نلخصها في محورين :
الأول : يتعلق بأدوات التفسير بمعنى التزام أصول التفسير الصحيح التي جزء كبير منها مبثوت في علم أصول الفقه.
الثاني : يتعلق بشخصية المفسر ، وذلك أن شروط التفسير وأدواته لابد أن تتجسد في شخص واحد؛ يحصل الشروط ويتقن الأدوات، ويؤمن بالقرآن الكريم وحيا خالدا ومنهجا مصلحا للبشرية.

المطلب الثاني : تجديد فهم القرآن عند الحداثيين
   وأما الحداثيون فإنهم تحت شعار:"إعادة قراءة القرآن" ويقصدون بالقراءة الفهم أساسا، أو شعار "إعادة قراءة التراث"- ويدخلون في التراث نصوص القرآن الكريم -يبثون سموما وتشكيكات، ويرمون إلى مقاصد وغايات مختلفة تماما عما سبق شرحه، ولنأخذ أنموذجا من هؤلاء وهو أركون الفرنسي الجنسية واللسان، لتوفر الدراسات النقدية لفكره ولكونه أجرأ الحداثيين في طروحاته وأصرحهم وأبعدهم عن الغموض والتعمية والنفاق.
   وسنحاول تلخيص نظريته في نقط موجزة : [وقد رأيت ألا أخلي العرض عن النقد وحتى لا يطول علينا طريق عرض نظريته ثم الوصول إلى عقد المقارنة جعلت ذلك في الهامش]
وقد قسمت نظريته إلى ثلاثة عناصر :
أولا : التشكيك في المصدر
1-إن أركون يزعم أنه يريد تجديد فهم القرآن الكريم بإعادة قراءة القرآن؛ على ضوء العلوم الحديثة في الآداب والعلوم الإنسانية كالألسنية والبنيوية والأنتروبولوجيا ونحوها.
2-ثم يقرر أن ذلك لن يتم إلا بعقل حيادي( )
3-ولا نصل إلى عقل محايد يمارس النقد بحرية إلا بنزع القداسة عن القرآن( ).
4-ثم يستدرك فيقول إن نزع القداسة لا يستلزم التكذيب بأن القرآن وحي، بل يستلزم التخلي عن المفهوم التقليدي للوحي، لأن هذا المفهوم أنتجه الفقهاء الذين يصفهم بالأنظمة اللاهوتية ( ).
5-ثم يقترح علينا المفهوم الصحيح للوحي وهو أن القرآن ظاهرة اجتماعية؛ تظهر فيها لغة جديدة من أجل تغيير نظرة الإنسان عن وضعه وعلاقته بالتاريخ وفعاليته في إنتاج المعنى( ).
   ويزيد الطين بلة عندما يصرح أن مفهوم الوحي هذا يستوعب بوذا وكونفشيوس والحكماء الأفارقة، وكل الأصوات الكبرى التي جسدت التجربة الجماعية لفئة بشرية.
6-وكما تفلسف في كلمة "الوحي" تفلسف في كلمة أسطورة التي زعم أن العرب يربطون بينها وبين الأكذوبة والخرافة ويزعم أنها تعني الحكاية ليس إلا، لكن الكلمة التي يستعملها في لغته الفرنسية تعني في جمع اللغات الأروبية الحكاية الشعبية الخرافية التي تتحدث عن كائنات تُجسد بصورة رمزية( ).
7-ولما وصل بنا إلى هذه النقطة في مفهوم تجديد القراءة ، نطرح السؤال على أركون ، أين التجديد في هذه القراءة؟ وأين آثاره ؟
   لن يجيبنا أركون هذه المرة أيضا بجواب صريح مباشر بل سيمهد كعادته بتمهيدات لعلها تطول.
-فبعد التشكيك في المصدر
-يأتي الدور على تبديل وسائل الفهم
-ثم تحديد أهلية الفهم
ثانيا : تبديل وسائل الفهم
   يزعم أركون أن وضع علم أصول الفقه (وهو آلة الفهم)؛ هو الحيلة الكبرى التي أتاحت شيوع ذلك الوهم الكبير بأن الشريعة ذات أصل إلهي.
لِم كل هذا التهويل ؟ وما الذي يزعج أركون في علم أصول الفقه؟
   الجواب إن علم أصول الفقه علم معياري يضبط الفهم ويميز بين الصحيح والسقيم من الآراء ، فلابد من التخلص منه ليفتح الباب للهوى ليطبق على القرآن باسم السميائية والتاريخانية والرمزية الهرمونطقية، وغيرها من الأمور الذي لا تنضبط.
 ومن ذلك زعمه بأن النص قابل للتأويل المستمر وأنه تابع لما يتوهمه قارئه، لذلك يقول إن النص القرآني لا نهاية لدلالاته ولا حد يحد فهمه لأن دلالاته رمزية مجازية، بل هو قابل للنقد والمراجعة كأي نص بشري.
ثانيا : تحديد أهلية الفهم
    أما أهلية الفهم فيواجه أركون بقوة من يسميهم "فقهاء" أو "أنظمة لاهوتية" أو "أصحاب الفهم السلفي" أو "الفهم الأرثوذكسي"، ويتهمهم بتهمة احتكار التشريع والفهم دون سائر الناس، ثم نسبة ذلك الفهم للدين زورا، وهو بذلك ينتزع أهلية التفسير من أصحابها الشرعيين من فقهاء ومفسرين ليعطي شرعية لأفكاره وأفكار أمثاله من التمردين على الدين والمارقين منه.
   وهذا الذي يمارسه أركون وغيره هو اجترار لفكر الحداثة الغربي المنتفض ضد هيمنة الكنيسة ورجالها على الكتاب المقدس، وإدخالها لآراء القديسين في عقائد وعبادات النصارى.
   وليس عند أركون أي نقد علمي لهاته الممارسة محل النقد، وفاقد الشيء لا يعطيه لأنه لا يقدر على نقد الفقهاء إلا فقيه، ولا يقدر على نقد المفسرين إلا مفسر.
موقفه من صلاحية القرآن لزماننا
   بعد هذه الرحلة في نظرية أركون لتجديد فهم القرآن الكريم نأتي إلى خلاصة الخلاصة وهي موقفه من صلاحية هذا القرآن لهذا الزمان ، ونكتفي نقل نص صريح له مقتبس من كتاب تاريخية الفكر الإسلامية (ص 60)، يقول فيه ما ترجمته :" إن نصوص القرآن -مثل نصوص الأناجيل- ليست إلا مجازات عالية تتكلم عن الوضع البشري، وهذه المجازات لا يمكن أن تكون قانونا واضحا. واعتقاد الناس بإمكانية تحويل هذه التعابير المجازية إلى قانون شغال فعال ومبادئ محددة، وتطبيقها على كل الحالات وكل الظروف فهو الوهم الكبير ".
المطلب الثالث : المقارنة بين الاتجاهين
   بعد أن فرغنا من شرح تجديد التفسير عند العلماء الربانيين وبيان مفهومه عند الحداثيين، نأتي إلى عقد مقارنة في نقط خمس رأيتها جوهرية بين الاتجاهين.
أولا : الإعجاز والربانية
   إن في تجديد العلماء إثبات لربانية لقرآن وأنه وحي من الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، سواء تعلق الأمر بالعلوم الكونية أو غيرها من المجالات التشريعية وغيرها، وأما تجديد أهل الحداثة فغايته التشكيك في الوحي والزعم أن القرآن صنع بشري لا غير.
    ولا يختلف شأن أركون عن نصر حامد أبو زيد والشحرور والجابري إلا أن الجابري -في ظني- أجبنهم عن التصريح بحقيقة مذهبه وأكثرهم تعمية، وحقيقة مذهبهم واحد فقد ذكر في سياق انتقاد ما سماه بالتعاريف المذهبية للقرآن كلام الإمام الطحاوي في عقيدته المشهوره، وانتقده لأنه يكفر من يخالفه حيث قال"...من زعم أنه كلام البشر فقد كفر"، فترك الجابري القارئ متحيرا، هل أساء الجابري فهم كلام الطحاوي حيث سحب التكفير على المعاني الأخرى غير الزعم بأنه كلام البشر، أم أنه فهم كلامه، وهو يخبرنا أنه يخالف الطحاوي في تكفير من قال:" إن القرآن كلام البشر"؟؟ وهل هو واقف في المخالفة عند حد التكفير ؟ أم أنه ممن يقول بأن القرآن قول بشر ؟
ثانيا : دور العقل في فهم القرآن
   إن العلماء المجددين قد ردوا العقل الإسلامي إلى وضعه الطبيعي، بعد أن أُخِّر دوره في عصور الانحطاط لَمَّا شاع التقليد وذاع شعار اعتقد ولا تنتقد، وأُصدرت الفتاوى التي تزعم تحريم تفسير القرآن وإعمال الفكر فيه، فدعا المجددون إلى ضرورة إعمال الفكر في النص القرآني تفهما لمعانيه وتنزيلا لها على واقع الناس.
   فالعقل عندهم آلة للفهم والقرآن مصدر، ونسبة العقل للقرآن كنسبة العين للنور، فكما لا يمكن للعين أن ترى شيئا إذا غاب النور ، فكذلك العقل إذا غاب عنه نور القرآن.
  وأما الحداثيون فأرادوا تأليه العقل وجعله حاكما على القرآن وفوق القرآن؛ يتنقده ويفهمه على وفق ما يراه، وربما يتمسك بعضهم بالآراء الشاذة الموجودة في تاريخ الفكر الإسلامي كمواقف المعتزلة من العقل مع الزيادة فيها وتوسيعها إلى ما لم يصل إليه المعتزلة، وربما تمسكوا أيضا بما هو موجود في أفكار المتصوفة المعطلة للعقل من أجل سب الإسلام وفقهاء الإسلام.
ثالثا : تحكيم الشريعة
   إن العلماء الربانيين قد سعوا إلى تفسير القرآن تفسيرا يستجيب لمتطلبات العصر؛ ذلك أن العلوم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية قد تطورت وتوسعت، فاستخرج علماء الإسلام من كتاب الله تعالى دررا فيها حل لمعضلات العصر إلا أن تلك الاجتهادات لم تجد الأذان الصاغية لتنفذ في أرض الواقع.
  وأما الحداثيون فهدفهم النهائي من إعادة فهم القرآن؛ هو عزله عن الواقع كما رأينا من نص أركون قريبا، ومنهم من يستعمل قاعدة أصولية مقلوبة فيقول:" العبرة بخصوص السبب على بعموم اللفظ"، لأنه وجد في كتب العلماء من نقل فيها خلافا -والخلاف غير موجود وإنما هو توهم توهمه بعضهم-.
   والجابري (الجبان) الذي يزعم أنه يسعى إلى قراءة جديدة للقرآن تجعله معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا، فمقصوده بهذه العبارة بلا تردد أن النص القرآني لابد أن لا يخرج عن إطار زمانه وهو يعبر بالزمنية خوفا من تعبير أركون التاريخانية التي كَشَفَت حاله، فهذا مقصوه بقوله:" معاصرا لنفسه"، ومقصوده بقوله :"معاصرا لنا" بأن نفهمه نحن كما نريد بعيد عن فهوم غير أهل عصرنا، تلك الفهوم التي يزعم أنها نتاج المذهبيات والصراعات السياسية.
رابعا : وسائل الفهم
  إن العلماء الربانيين المجددين يرون أن الخلل يقع في تفسير القرآن وفي تطبيقه عندما نخل بتحكيم أصول التفسير وأصول الفقه ولا نلتزم بالضوابط المحددة لفهم القرآن الكريم، لذلك فإنهم يدعون على تحكيم هذه الأصول لتحقيق التجديد سواء في مجال التنقيح أو الإضافة.
  وأما الحداثيون فيرون في هذه الأصول الضابطة للفهم عائقا كبيرا في وجه تجديدهم، لأنها تفضح الأهواء وتعري الجهلة، فبدل الدعوة إلى تحكيمها فهم يدعون إلى هدمها وتجاوزها.
  ومنهم من يدعو إلى تجديد أصول الفقه بمعنى استبدالها بأصول أخرى توافق الهوى ولا تنافي العلمانية الحداثية.
خامسا : أهلية الفهم
 يرى العلماء أن القرآن كلام الله تعالى وأن الكلام في تفسيره بلا علم خطر عظيم؛ لذلك هم يقولون إن المفسر يحتاج إلى تكوين طويل المدى في العلوم المعيارية علوم القرآن وعلوم السنة وأصول الفقه وعلوم اللسان العربي مع الإيمان والصلاح والتقوى.
  وأما الحداثيون فيريدون تفسير القرآن بدون التزام بقواعد التفسير ولا تحصيل لأهلية؛ فهم نظريا يجيزون التفسير لكل أحد، ويصفون بالمقابل العلماء الربانيين بالنصيين والمتزمتين واللاهوتيين وغير ذلك من الألقاب التي استعاروها من الفكر الغربي .
   لكن عند الممارسة نجد الجابري الذي أخرج للناس محاولة لتفسير القرآن سماها:" فهم القرآن أو التفسير الواضح للقرآن الكريم" لم يستطع الاستغناء عن تفاسير النصيين الأرثوذكس، ولا عن روايات السنة التي صرح برفضها -إلا أنه نقل منها الغث والسمين-، وبخبث أورد كثيرا من نصوص التوراة في هوامشه ليُرِي قراءه مواضع التشابه بين القرآن والتوارة أو مواضع الاقتباس على حد زعم أشياخه المستشرقين.
    وفي الأخير أظن أننا قد وصلنا إلى تحديد صورة واضحة لمصطلح التجديد في تفسير القرآن؛ الذي يتنازعه طائفة العلماء الربانيين وطائفة العلمانيين الحداثيين، كما أننا بينا الفوارق الجوهرية بين تجديد الطائفتين، وكان ذلك غاية المقصود بهذه المداخلة، ويبقى مجال شرح فكرة التجديد عند العلماء أو مناقشة التجديد عند الحداثيين من مجالات البحث المعاصرة التي تستحق الاهتمام والمتابعة وتعميق الدراسة فيها، لما لها من أهمية في أرض الواقع ، تحصينا للجبهة الداخلية ضد المنتسبين للعلم من الجامدين، أو صدا للعدوان الخارجي الذي يحمل لواءه المستشرقون وأذنابهم من الحداثيين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تم قراءة المقال 7818 مرة