الخميس 27 صفر 1431

نقد طبعة الشيخ أحمد شاكر للرسالة

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ، فإن أصل هذا البحث جزء من رسالتي المقدمة لنيل درجة الماجستير عام 1421-2001 والتي عنوانها "التوضيح والتصحيح للمنقول عن الشافعي في علم الأصول" ، والذي دفعني إلى تسطيره التزامي النقل الحرفي من الرسالة للشافعي في كثير من المواضع من البحث المذكور، مع علمي بأن ما في الأصل مرجوح بدلالة السياق وباتفاق النسخ التي اعتمد على خلافه، فلما أعرضت عما رجحه الشيخ أحمد شاكر فيها، كان واجبا محتما علي أن أذكر الحجج والأدلة التي تبين أن النسخة التي حسبها كتبت بخط الربيع ليست كذلك.

نقد طبعة الشيخ أحمد شاكر للرسالة

وليس قصدي في هذه المقالة التنويه بجهد الشيخ أحمد شاكر في مقابلة النسخ أو قراءة المخطوط أو التعليق عليه، فإن ذلك أمر لا خفاء فيه ولا يحتاج مني إلى ذكر أو تنويه، وربما كان ذلك سببا في أن يعتمد كل من جاء بعده على طبعته ، انصراف المحققين عن إعادة تحقيق الكتاب مع توفر النسخ الخطية لها في كثير من المكتبات في العالم ،- اللهم إلا طبعة الدكتور رفعت فوزي الصادرة عام 1422-2001م عن دار الوفاء ضمن كتاب الأم -.

ولقد كان من الصعوبة علي بمكان أن أناقش في مثل هذا الأمر -الذي ليس لي به اختصاص -، خاصة مع عدم وقوفي على المخطوط المعتمد أو غيره ، ولكني بذلت الوسع في النظر فيما هو متاح لي: الرسالة بطعبة الشيخ أحمد شاكر وتقديمه لها ، وبعض الكتب الناقلة عن الرسالة كالمناقب والأحكام للبيهقي وغيرها، وقد رتبت الدلائل المعتمدة على النحو الآتي :

أولا: مواضع لا شك أن الصواب في غير الأصل

إن اعتقاد الشيخ أحمد شاكر أن النسخة الأصل خطت بيد الربيع بن سليمان المرادي، جرَّه إلى أخطاء كثيرة في الترجيح عند اختلاف النسخ، وقد يتكلَّف للأخطاء الواردة فيها التوجيهات البعيدة من شاذ اللغة وغريب المعاني، ولم يجعل ما جاء في الأصل مرجوحا إلا في النادر القليل، حيث لم يجد للتوجيه سبيلا، ولقد أحسن أيما إحسان إذ أثبت الفروق في الهامش فلولاها لما أمكنني كتابة شيء في الموضوع ولا معرفة الصواب بدلائله إن شاء الله تعالى، فرحمه الله رحمة واسعة. وقد انتقيت بعض المواضع التي رأيت خطأ الأصل فيها جليا، ورتبتها حسب ورودها في الكتاب. 

1- جاء في الأصل (ص57): « والأطفال الذين لم يبلغوا وعُقل التقوى منهم ».

والصواب ما جاء في النسخة (ب) و(ج) و أحكام القرآن للبيهقي (1/24): « والأطفال الذين لم يبلغوا عقل التقوى منهم ». من دون الواو، والسياق يدل عليه، إذ قال بعد ذلك:« فلا يجوز أن يوصف بالتقوى وخلافها إلا من عقلها، وكان من أهلها. أو خالفها فكان من غير أهلها ».

2- جاء في الأصل (59): « فإذ كان من مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ناسً، غير من جمع لهم من الناس، وكان المخبرون لهم ناسً غير من جمع لهم ».

والصواب ما جاء في (ب) و(ج) وأحكام القرآن (1/25):« فإذا كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ناسٌ». ولا شك في أن هذا هو المناسب للسياق، ويدفع الإشكال عن رسم كلمة (ناس) من دون الألف.

3- جاء في الأصل (215): « ولم يدع أن يبين كلما نسخ من سنته بسنته ».

والصواب ما جاء في سائر النسخ التي اعتمد:« ولم يدع أن يبين كلَّ ما نسخ من سنته بسنته ». والخطأ نفسه وقع فيه الناسخ بعد أسطر؛ إذ جاء في الأصل:« وكلما كان كما وصفت أُمضي على ما سنه ». لكن في هذا الموضع خالف الشيخ الأصل وقال:« ليكون المراد واضحا ومحدودا ».

4- جاء في الأصل (379): « لا يحدث واحد منهم عمن لقي إلا ما سمع منه ممن عناه بهذه الطريق قبلنا منه؛ حدثني فلان عن فلان، ومن عرفناه دلس مرة ،فقد أبان لنا عورته في روايته ».

والصواب ما جاء في سائر النسخ وشرح العلل (211) والنكت للزركشي(2/42):« لا يحدث واحد منهم عمن لقي إلا ما سمع منه فمن عرفناه منهم بهذه الطريق…». والسياق لائح في تأييده لكن رد الشيخ في هذا الموضع حتى التصحيح الذي وجده في الأصل.

5- جاء في الأصل (401): « فإن قال قائل ».

والصواب ما جاء في سائر النسخ :« قال لي قائل ». ويدل عليه ما بعده، فإنه قال في الجواب:« فقلت له » فرد الشيخ هذا والتصحيح الذي وجد على الأصل، وقد أقر الشيخ أنه الأنسب وأبى إثباته في المتن .

6- جاء في الأصل (407): « وانتقلوا بخبر الواحد إذا كان عندهم من أهل الصدق ». يعني أهل قباء.

والصواب ما جاء في سائر النسخ:« وانتقلوا بخبر الواحد إذ كان عندهم» كما ضُرب على الألف في الأصل أيضا.

7- جاء في الأصل (408): « ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في تحويل القبلة،وهو فرض مما يجوز لهم ، لقال لهم إن شاء الله قد كنتم على القبلة ولم يكن لكم تركها إلا بعد علم تقوم عليكم به الحجة ».

والصواب ما جاء في سائر النسخ ومعرفة السنن للبيهقي (1/68) والكفاية للخطيب (30):« ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله في تحويل القبلة، وهو فرض مما لا يجوز لهم…». ولا يستقيم المعنى إلا بإضافة حرف النفي وقد استدرك في الأصل فكتب بين السطرين فوصف ذلك الشيخ بأنه عبث من قارئ.

8- جاء في الأصل(419): « ما أجمع عليه المسلمون من أن يكون الخليفة واحدا، والقاضي واحدٌ، والأمير واحدٌ، والإمام».

والصواب ما جاء في سائر النسخ :« ما أجمع عليه المسلمون من أن يكون الخليفة واحدا، والقاضي واحدا، والإمام واحدا، والأمير واحدا ». ولما صُححت في الأصل قال الشيخ :« وقد عبث عابث في الأصل فغيره إلى هذا ».

9- جاء في الأصل (422): « فلما وجدنا كتاب آل عمرو بن حزم فيه… صاروا إليه ».

والصواب ما جاء في النسخ الثلاثة المطبوعة :« فلما وُجد كتاب آل عمرو بن حزم فيه… صاروا إليه ». ولم يقبل الشيخ هذا مع أنه وجد الحرفين مضروبا عليهما في الأصل مكشوطين في نسخة ابن جماعة، ولو كان الصواب إثباتها لقال بعد « صرنا إليه ».

10- جاء في الأصل (457): « بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد». والصواب ما جاء في نسخة ابن جماعة ومستدركا في هامش الأصل :« بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين [أحد إلا وقد ثبته جاز لي ولكن أقول لم أحفظ عن فقهاء المسلمين] أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد ». وقد أثبت الشيخ هذه الزيادة على تردد منه. وتعليل الخطأ من الناسخ هنا واضح، وهو انتقال العين من لفظ (المسلمين ) الأول إلى الثاني، وكثيرا ما يقع نحو هذا. وعدول الشيخ في هذا الموضع وغيره عما في النسخة إقرار منه بأنها ليست هي أم النسخ الأخرى أعني بخط الربيع.

11- جاء في الأصل (465): « والآخر؛ كثرة الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه ».

والصواب ما جاء في سائر النسخ ومستدركا في الأصل ولم يقبله الشيخ :« والآخر؛ كثرة الإحالة [في الأخبار، وإذا كثرت الإحالة] كان أمكن للوهم، وضعف من يقبل عنه ». وسبب خطأ الناسخ هنا كالموضع السابق.

12- جاء في الأصل (476-477) : « قال: فمن أين قلت بالقياس، فيما لا كتاب ولا سنة ولا إجماع، أ فالقياس نص خبر لازم؟».

والصواب :« وإنما القياس نص خبر لازم » كما هو بقية النسخ ويؤكده قول الشافعي:« لو كان القياس نص كتاب وسنة ، قيل له في كل ما كان نص كتاب هذا حكم الله …ولم نقل له قياس ».

13- جاء في الأصل (507): « لأنه إذا أقامه على غير مثال بدلالة على قيمته كان متعسفا».

والصواب ما جاء في سائر النسخ :« لأنه إذا أقامه على غير مثال يدله على قيمته كان متعسفا ».

14- جاء في الأصل (507): « وجهة العلم الخبر اللازم بالقياس بالدلائل على الصواب».

والصواب ما جاء في سائر النسخ والمناقب للبيهقي(1/374):« وجهة العلم الخبر اللازم والقياس بالدلائل على الصواب». وقال أحمد شاكر :« ثم حاول بعضهم كشط الباء وكتب واوا في موضعها والذي في الأصل صحيح ». أقول : لعل هذا من التصحيح الذي كان ثمرة المقابلة بالنسخة الأصلية .

15- جاء في الأصل (512): « والقياس وجوه يجمعها القياس ».

والصواب ما جاء في سائر النسخ ومستدركا في الأصل :« والقياس وجوه يجمعها اسم القياس ».ولم يقبل الشيخ لا هذا الاستدراك ولا الذي قبله.

16- جاء في الأصل(523): « فلما خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه و سلم في هذه الأصناف المأكولة التي شح الناس عليها حتى باعوها كيلا بمعنيين…».

والصواب ما جاء في سائر النسخ والمناقب للبيهقي (1/350):« فلما حَرَّمَ رسول الله صلى الله عليه و سلم في هذه الأصناف المأكولة التي شح الناس عليها، حتى باعوها كيلا بمعنيين…». ومع ظهور المعنى أبى الشيخ إلا إثبات ما في الأصل مع وصف التصحيح الذي فيه عبثا، وتكلف توجيه الكلام بما هو عن الخاطر بعيد ولا يؤدي المعنى المراد .

ثانيا: الخطـأ الواضح في آيـة قرآنيـة

   من أوضح الدلائل عندي على أن ما اعتبره الشيخ نسخة أصلا، يستحيل أن يكون كذلك الخطأ الواضح الذي ورد فيها في آية من كتاب الله تعالى ،وهذا سياقها (ص73):« وضع الله رسوله من دينه ورضيه وكتابه الموضع الذي أبان جل ثناؤه أنه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته وحرم من معصيته ، وأبان من فضيلته بما قرن من الإيمان برسوله من الإيمان به،فقال تبارك وتعالى: (( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ …إلى قوله … سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَد )) (النساء171) ».

   فصحح أحمد شاكر الآية بعد أن استفرغ الوسع أن يجدها كذلك في قراءة من القراءات،فكتبها على وجهها (فآمنوا بالله ورسله ).ولكنها بهذه الصيغة تفقد وجه الدلالة ، كما أفاده الشيخ، بل هي فاقدته ولو بالصيغة التي خطت بها، لأن المقصود بالكلام هو عيسى عليه السلام.

أقول وهذا من أوضح الأدلة على أن النسخة المذكورة ليست بخط الربيع، وتأكيد ذلك بما يلي :

1- أن الشافعي هو ذلك الحافظ لكتاب الله القارئ له كما هو معلوم من سيرته ، لم يكن ليخطئ في هذه الآية، نعم السهو جائز على كل واحد لكن هذا تأليف للشافعي راجعه نيفا وثلاثين مرة مع الربيع، فمثل هذا يجعلنا نبعد أن يكون الخطأ من الشافعي، بل ويجعلنا نقول ليس هو خطأ الربيع أيضا كما سيأتي . وليس الشافعي بذاك الحافظ لحروف الكتاب دون معانيه حتى يقع في مثل ما وصفت، بل كان من أهله العارفين به، وألف كتابا في أحكام القرآن - وكل هذا سبق في ترجمته-، فكيف يخطئ في الاستدلال على هذا النحو، نعم قد أخطأ الشافعي ولا شك في مواضع في أحكام واستدلالات، لكن مثل هذا الخطأ لا يمكن صدوره من إمام تلك صفته.

2- إن هذا الخطأ لو صدر من الشافعي ثم فات الربيع أن يصلحه، لما سكت عنه المتربصون من خصوم الشافعي، الذين تتبعوا الأخطاء في كلامه وفي كلام المزني تلميذه، ونقموا عليه كلمات في العربية نسبوه فيها إلى اللحن ، وانتقدوا عليه مذاهب رآها واستدلالات ذكرها نسبوه لأجلها إلى الشذوذ، وشنعوا عليه في غير موضع التشنيع، إذ كيف يتركون مثل هذا الأمر البين ويتعلقون بما هو أوهى من خيط العنكبوت. فلما رأيناهم لم يذكروه علمنا أمرين: أن النسخة كتبت في عصر متأخر عن عصر الشافعي، وأن المتداول من نسخ الرسالة لم يكن منقولا عن هذه النسخة.

3- أن بعض العلماء قد نقل هذا الموضع من الرسالة وليس فيه هذا الخطأ ، فالبيهقي نقله في دلائل النبوة (1/20) ([1])، ورسم الآية على النحو التالي (( فآمنوا بالله ورسوله )) على أن الآية هي الآية رقم 158 من سورة الأعراف ، والبيهقي يروي الرسالة وغيرها من كتب الشافعي من طريق الأصم عن الربيع ، والنسخة المتحدث عنها من رواية الحصائري عن الربيع ، وكذلك الشيخ محمد أبو زهرة، قد نقل الاستدلال في كتابه الشافعي (ص195) فذكر آية الأعراف وأكملها :(( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون )) [ الأعراف:158]، ولم يشر إلى خطأ، ولا أدري على أي النسخ المطبوعة اعتمد . كما لا أدري على أي وجه أثبتت الآية في النسخ الثلاثة المطبوعة ونسخة ابن جماعة ، فإن الشيخ لم يزد على أن ذكر أنها جاءت في النسخ الثلاث بصيغة الإفراد.

ثالثا : التصحيحات الكثيرة المثبتة على هامش المخطوطة وبين الأسطر

    إن هذه التصحيحات المثبتة على هامش المخطوطة وبين الأسطر إن كانت بخط ناسخها- أعني بالخط الذي نسخت به- ففي ذلك دلالة واضحة على أن كاتبها كان له أصل آخر نقل عنه، فليس هو الربيع ولا شك في هذه الحال، إن كانت بقلم الذين قابلوا نسخهم بهذه النسخة ففي هذا دلالة على أنهم عاملوها معاملة الفرع لا معاملة الأصل. فإن قيل فما المزية التي جعلتهم يقرؤون هذه النسخة ويقابلون بها ما دامت كذلك؟ قيل: هو قدم زمن نسخها نسبيا، إذ أول سماع دُوِّن بهامشها كان سنة (394)، مما يدل على أن نسخها كان قبل ذلك .

وموقف الشيخ أحمد شاكر من هذه التصويبات التي تجعلها منسجمة مع السياق، موافقة لسائر النسخ، هو الرد في كل مرة، بل يصفه في كثير من الأحيان بالعبث.

لكن الذي بقي يحيرني، لماذا ترك هؤلاء الذين جرت أقلامهم على النسخة بالتصحيح، أن يصوبوا الآية التي سبق الحديث عنها ؟

رابعا : تـاريخ نسخ المخطوطة وظهورهـا

   أما التاريخ المضبوط والمحدد لنسخها فإنه لا يمكن الجزم به، وقد زعم بعضهم أنها نسخت سنة 350هـ تقريبا([2])، وليس له على ما قال أي دليل، وفي أول سماع مدون على النسخة ما يرده([3])، لأن النسخة إن كانت بخط من كتب السماع عبد الرحمن بن عمر بن نصر المتوفى في (410هـ) فإنه يكون قد كتبها في حياة شيخه الحصائري المتوفى في (338هـ) وكذلك لو فرضنا أنها كتبت له ليسمعها من شيخه المذكور، وإن كانت بخط التلميذ (علي بن محمد الحنائي) أو من خطها له ليسمعها من عبد الرحمن- وهو الأظهر - فلا ينبغي أن يكون التاريخ بعيدا عن سنة القراءة على الشيخ سنة (394)، وقد زَعَمتُ أن هذا أظهر لأن عبد الرحمن المذكور، قال فيما سجله في الموضع الثاني من السماع« وأنا قرأته عليه وعارضه بأصل كتابي » فليست النسخة من سماعه، وهي للتلميذ (الحنائي) من دون شك، إذ عارضها بأصل الشيخ قصد تصحيحها، ولا يفعل ذلك إلا فيما يمتلكه، ثم إن النسخة نفسها سمعت من الحنائي سنة (416)، فدل على أنها كانت ملكا له([4]).

   فإن قيل : فما وجه ما جاء في آخر النسخة القاضي بأنها بخط الربيع ونصه بكماله :" أجاز الربيع بن سليمان صاحب الشافعي نسخ كتاب الرسالة وهي ثلاثة أجزاء في ذي القعدة سنة خمس وستين ومائتين ، وكتب الربيع بخطه"، قيل إن كثير من النساخ إذا كتب مخطوطا كتبه من أوله إلى آخره من غير تمييز ، كأنه آلة تصوير ، فمؤلف الكتاب يقول قلت ، والناسخ يكتبها قلت ولا يغيرها ، والمؤلف يقول فرغت منه بتاريخ كذا في مكان كذا ، والناسخ يكبت العبارة كما وجدها ولا يغير فيها ، وهذا ما أظنه وقع في هذه المخطوطة التي اعتمد الشيخ أحمد شاكر ، فكلمة :"وكتب الربيع بخطه " ليست بخط الربيع وإنما هي بخط الناسخ وهو الحنائي أو من نسخها له.

   وقد أشار إلى مثل هذا الرأي العلامة المحقق عبد السلام هارون في كتابه تحقيق النصوص ونشرها (ص:38) لما قال عقب النص المثبت في آخر الرسالة للشافعي: « على أنه يجدر بفاحص النسخة أن يقف طويلا عند تاريخ النسخة ، فكثير من الناسخين ينقل عبارة التاريخ التي تثبت في العادة في نهاية النسخة، ينقلها كما هي غير مراع للفرق الزمني بينه وبين الناسخ الأول، فيخيل للفاحص أنه إزاء نسخة عتيقة على حين يكون هو إزاء نسخة كتبت بعدها بنحو قرنين من الزمان» ، وتأمل قوله :" نسخة كتبت بعدها بنحو قرنين من الزمان " فكأنه رجح ما توصلت إليه من أن نسخة الرسالة كتبت سنة 394 هـ أو قبلها بقليل، والله تعالى أعلم.


[1]/ وقد رسمت في أحكام القرآن له (1/27) بدون الفاء على النحو التالي(( آمنوا بالله ورسوله )) [النساء 136] وفي الحالين ليس في ذكر الآيتين خطأ لا في اللفظ ولا في الاستدلال.

[2]/ مقدمة الرسالة لأحمد شاكر (18).

[3]/ مقدمة الرسالة لأحمد شاكر (33).

[4]/ مقدمة الرسالة لأحمد شاكر (36).

تم قراءة المقال 6049 مرة