الأحد 16 شعبان 1445

109-أحوال صيام يوم الشك

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أحوال صيام يوم الشك
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فإن لصيام يوم الشك أحوال أربعة تفصيلها على النحو الآتي :
1-صوم يوم الشك بنية رمضان احتياطا
 فهذا لا يجوز قطعا وقد قال مالك والشافعي في قول له إنه لو تبين بعد ذلك أنه من رمضان فإن عليه قضاءه ، لأن النية لابد أن تبيت بعد العلم بثبوت الهلال ، ولا ريب أن حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما شامل لهذه الصورة وقد قال: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» . رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
ودليل التحريم والبطلان وتفسير وجه المعصية في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» متفق عليه ، فقوله صلى الله عليه وسلم :"لا تصوموا " المقصود به رمضان والأصل في النهي إفادة التحريم المقتضي للفساد، ولا معنى للاحتياط هنا لأنه يؤدي إلى الزيادة في رمضان والزيادة على المشروع مردودة.
2-صوم يوم الشك بنية نفل معتاد صومه
وذلك نحو صوم الاثنين والخميس أو صيام داود، ومنهم من ذكر صيام الدهر إذا اعتقد جوازه ، ومنهم من ذكر قصد استكمال شعبان عملا بظاهر حديث عائشة رضي الله عنها.
   فهذا يجوز صومه قطعا لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» وهو حديث متفق عليه .
  وقد ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ - أَوْ لِآخَرَ -: «أَصُمْتَ مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ»
والسُرر آخر الشهر حيث يختفي الهلال وهي أيام الثامن والعشرين وما بعدها، وهذه واقعة عين محمولة عند الشراح على من اعتاد صومه إذ لا يصح الأمر بالقضاء في نفل إلا لمن اعتاده .
3-صوم يوم الشك بنية قضاء فرض أو أداء لنذر.
  فهذا يجوز أيضا لأنه إذا جاز النفل لسبب فجواز الفرض من باب أولى .
4-صوم يوم الشك بنية النفل في غير صور الاعتياد المذكورة
فهذا موضع اجتهاد وقد أجازه بعض العلماء منهم مالك أبو حنيفة، ومنعه الشافعي وذلك على سبيل الكراهة وقال بعض أصحابه بالتحريم.
حجة الجواز أن النهي خاص بصورة قصد الاحتياط، والزيادة في رمضان.
وحجة الكراهة أن النهي عام واستثناء الاعتياد دليل على أن المستثنى منه على خلاف المستثنى منه وأقل أحوال النهي الكراهة، وعلته الفصل بين الفريضة والنافلة وسد ذريعة قصد الاحتياط، وقد يقال إنه ثمة نهيان نهي عن صومه بنية رمضان وهو محمول على التحريم ونهي عن صومه بنية النفل وهو محمول على الكراهة .
والقول بالكراهة أظهر والله أعلم
ويرد على من قال بالتحريم الذي يلزم منه عدم صحة صوم النفل بأنه ليس منهي عنه لذاته كالعيدين، فإن صيام العيدين لا يجوز أداء لفرض ولا وفاء لنذر ولا نفلا معتادا، ومن صامه كان صومه باطلا، وصحة صوم يوم الشك في هذه الصور المذكورة دليل على أنه يوم صالح للصوم وأن النهي ليس مقصودا لذاته وإنما النهي المقصود لذاته هو نية الاحتياط والزيادة في رمضان، ونظير النهي عن تقدم الشهر بيوم أو يومين النهي عن صيام يوم الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم» (رواه مسلم) وهو نهي كراهة لا تحريم. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي الأمين .

تم قراءة المقال 172 مرة