الأربعاء 2 محرم 1445

مدخل في تحريف الكتاب المقدس والقول ببنوة المسيح

كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

[مدخل في تحريف الكتاب المقدس والقول ببنوة المسيح]
(مستخرج من محاضرة صوتية بعنوان: (التحريف في النصرانية) وكتاب المسيحية البضاعة المغشوشة) ومنشور ضمن كتاب : ابشروا.. لم يعد المسيح ابنا لله
   يقول الدكتور يزيد رحمه الله :"تعلمتُ ممن سبقني في البحوث العلمية ألَّا نبدأ في البحث عن أيِّ شيء قبل تحديد المفاهيم الإجرائية؛ أي: تحديد المصطلحات وتعريفها بدقَّة؛ حتى نضع معالِمَ لطريق البحث؛ فلا نَضِيع في جنباتِه وتضيع الحقيقة معه، وإنَّ أهمَّ مصطلحٍ وأخطرَ مفهومٍ في بحثِنا الصغير هو كلمة "الغلط"... أو التحريف في نسخ الكتاب المقدس"( ).
[تعريف التحريف]
   "التحريف لغة: الميل عن أصل الشيء، لهذا نقول انحرف عن الطريق أي مال إلى جانبه ...
   أما التحريف اصطلاحا... كما يقول علماء الغرب... هو كلُّ تغيير أو تبديل طرأ على النص الأصلي سواء بالإضافة أو الحذف، وبعض العلماء يقول بالزيادة أو النقصان، [وقد يكون] تحريفا لفظيا أو تحريفا معنويا"( ). [أو] "هو أيُّ تغيير - صغيرًا كان أم كبيرًا- بالحذف أو الإضافة أو التبديل، أو التقديم أو التأخير، يطرأ على النصِّ الأصلي للكتاب المقدَّس، سواءٌ كان ذلك التغيير الطارئ متعمَّدًا أو سهوًا، بحسن نية أو بسوء نية" ( ).
[فقدان النص الأصلي واستحالة تطبيق التعريف]
   "لكن...لا يمكننا تطبيق هذا التعريف على النصرانية ولا على كتبها... [لأنه] لا يوجد أصل... النصارى لا يملكون أصولا لكتبهم! فكيف نعرف أنّ ما هو موجود حاليا محرّف أو غير محرّف؟! ما المعيار؟...ما القاعدة التي نقيس عليها؟!"( ) [إذ]"التَّعريف الإجرائي الذي ذكرته عن "الغلط" والتحريف في نسخ الكتاب المقدس...يشير إلى أنَّه يجب أن يتوفَّر لدى الباحث النُّسخة الأصلية للكتاب المقدس، التي ستُعتبر المعيار أو المقياس الذي يُحكم به على أيِّ نص آخر، من حيث مدى تطابقِه أو مخالفته للنص الأصلي"( )، "وهم يعترفون ...ويقولون ليست عندنا أصول، [ونحن نقول إن] أوّلَ تحريف [وقع] عندهم أنّهم ضيّعوا كتبهم..."( ).
[أقدم نسخ العهد الجديد]
     "أمّا العهد الجديد... فإنّ أقدم مخطوطة [له] على الإطلاق...تعود في أبعد الحدود إلى نهاية القرن الرابع الميلادي، [مما] يعني [أنّ] بيْن المسيح عليه السلام و[أقدم] مخطوطة موجودة في العالم ثلاثة قرون... وتسمى النسخة الفاتيكانية ... codex vaticanus، وسميت الفاتيكانية نسبة إلى مكتبة الفاتيكان [التي وُجدت فيها]. وهناك نسخة أو مخطوطة ثانية تسمى النسخة أو المخطوطة السينائية codex sinaticus  وهي ...ترجع إلى نهاية القرن الرابع الميلادي في أبعد الحدود [أيضا]. وهناك نسخة [أخرى] مهمةٌ جدًا تعود إلى القرن الخامس وتسمى النسخة السكندرية. [وهاتان الأخيرتان] موجودتان في المتحف البريطاني في لندن..."( ).
[وثاقة النُسخ المخطوطة القديمة وقيمتها]
    "فالكنيسة للأسف لا تملك اليوم إلا نُسخًا ... تعود إلى القرن الرابع على أبعدِ تقدير، مع ما في هذه النسخِ من تشويهٍ وإضافة وزيادة، والأهم من ذلك التَّعديلات المتتالية التي تُجرى على تلك النسخ، ولم يتوقَّف سيلها  لحد اليوم!...
[ف]أيُّ قيمة بقيت لهذه المخطوطات التي تُعتبر نُسخًا من مجهولين، عن نسخٍ لمجهولين، عن نُسخٍ لمجهولين آخرين؟ لا نعرف النسخة الأصلية التي نسخوا منها، ولا أسماء النُّساخ، ولا دينَهم، ولا مذهبهم، ولا كفاءتهم العلمية. [و]أيُّ مصداقية بقِيت لهذه المخطوطات إذا كانت قد عبَثت بها أيدي مدقِّقين ومصححين متعدِّدين مجهولين عبر القرون الطويلة؟"( ).
[من التحريف إلى الأخطاء والاختلافات والتناقضات]
   [فلمَّا لم] يمكن تطبيق تعريف التحريف الذي ذكرناه (هو كلُّ تبديل أو تغيير طرأ على النص الأصلي سواء بالحذف أو الإضافة) ...[صار] علماء الغرب يتحدَّثون عن مصطلحات أخرى تسمى الفروق، والاختلافات، والأخطاء و التناقضات...بين النسخ المتوفرة !
 ...فهناك دراسات لأقدم المخطوطات للمقارنة بينها...ودراسات أخرى [للمقارنة بين] المخطوطات القديمة والنسخ الجديدة، ودراسات للبحث عن الاختلافات والفروق الموجودة بين العهد القديم والعهد الجديد ... ثم دراسات أخرى لإيجاد الاختلافات والفروق والأخطاء الموجودة في الإنجيل الواحد؛ مثلا بين إنجيل متى وإنجيل لوقا، إنجيل لوقا وإنجيل يوحنا، إنجيل يوحنا وإنجيل مرقس ... أو الأخطاء الموجودة في العهد القديم بين كلّ كتاب أو بين الأسفار... فأخرجوا لنا كمَّا هائلا من الأخطاء، وكمَّا هائلا لا يُتصوّر من الفروق والاختلافات ...
   هناك عالم مشهور هو جون ميل [ John Mill] يقول: "إنها بلغت ثلاثين ألف خطأ". [وأيضا] القس باركر [David Parker] يقول:"بلغت ثلاثين ألف خطأ".  
   عندنا شخص اسمه القس [جان] شورر يقول:"إن مخطوطات الأناجيل بها خمسون ألف خطأ".
   يقول كريسبخ -أحد علمائهم-:"إنّ عدد الأخطاء بلغ مئة وخمسين ألف خطأ"، وهذا الرقم أكدت عليه دائرة المعارف البريطانية؛ أكبر موسوعة غربية الآن، قالت: "إن عدد الأخطاء الموجودة في المخطوطات النصرانية بلغت مئة وخمسين ألف خطأ".
    وهنالك شخص اسمه تين ويتس وهو متشدد أكثر، قال:"لقد بلغت الأخطاء في جميع المخطوطات الموجودة ألف ألف" أي مليون خطأ في الكتب المقدسة عند النصارى.
   ... يقول شميث [Ernest Smith] أحد الذين درسوا تلك المخطوطات :"لا توجد صفحة واحدة في المخطوطات وفي النسخ لا توجد فيها العديد من الأخطاء""( ).
[تعدد النسخ المطبوعة واختلافها الكثير جدا]
    [هذا و]"إن بعض النسخ اليوم التي تطلع كل صباح بشتى اللغات ومن البلدان العديدة - تتنافس فيما بينها لتحذفَ نصوصًا من هنا، وإضافة أخرى هناك، لم يعد الأمر خفيًّا، فيبدو أنَّ اللِّجان الكِتابية المكلَّفة بتنقيح كتاب الإله المخلّص، تتبارى فيما بينها لضرب رقمٍ قياسي جديد في الحذف والإضافة، وإذا سمَّينا هذه التَّغييرات والتبديلات بالتحريف، فإنَّ هذا التحريف تجاوَزَ مستوى "التحريف بالمفرَّق" إلى "التحريف بالجملة"، فمرّةً يُحذف إصحاحٌ كامل، ومرّةً قصةٌ كاملة، ومرّةً يضاف سِفرٌ أو أكثر إلى العهد القديم، ومرّةً يشار في أقدم المخطوطات أنّ العهد الجديد تنقصه بعض الأسفار، أو أنّه يُشَكُّ في مصداقيةِ أخرى... وكلُّ هذه التعليقات نجدها في الحواشي على متون الكتاب المقدَّس، ويعلم الله أنَّ النسخ الحديثة باللغات المختلفة أصبحت حواشيها أكبرُ من متونِها، وحتى يسع المجال لحواشٍ إضافية تعمد النُّسخ الحديثة إلى تصغير حجم الخط لحدٍّ تتعذَّر معه قراءتها، حتى إنها تصيب من يدمن قراءتها بضعف البصر بعد حين! "( ).
 [تعدد الأناجيل قبل القرن الرابع وسبب كثرة اختلافاتها]
    "[يقولون إنّ] أفضل كاتب [للأناجيل] هو لوقا... لأنّه كتب في المقدمة كلاما موضوعيا في سطرين أو ثلاثة... يقول فيها: "لأنّ كثيرا من الناس أخذوا يدوّنون ويؤلّفون رواية الأحداث التي جرت بيننا كما نقلها إلينا الذين كانوا من البدء شهود عيان للكلمة، رأيت أنا أيضا بعدما تتبَّعت كلَّ شيء من أصوله بالتدقيق، أن أكتبها لك يا صاحب العزة ثاوفلس حسب ترتيبها الصحيح". إذن هو لم يعش مع المسيح، لكن عاش مع أتباعه...قال: "إنّ كثيرا من الناس في وقته بدأوا الكتابة"، إذن الأناجيل تعدّدت، وقال:"أنا أيضا تتبَّعت الأمور وسأكتبها"...فلوقا لا يعْدو أن يكون مؤرِّخا لأحداث لم يعشها وإنما عاشها من سبقه وحدَّثه عنها.
    وهذا دليل على وجود كتابات كثيرة أخرى بعد المسيح مباشرة، لهذا ظهرت أناجيل كثيرة، وقال بعض العلماء إنها تجاوزت الخمسين إنجيلا، والرسائل تجاوزت المئات... هذه الأناجيل كلّها تبعها الناس في القرن الأول والثاني والثالث والرابع، كلُّ شخصٍ يتَّبع إنجيلا خاصا به وكلُّ شخص يتَّبع معتقداته، بعض الناس يقولون المسيح هو الله والبعض يقول المسيح هو ابن الله، وبعضهم يقول المسيح هو رسول الله، وبعضهم يقول المسيح له طبيعتان، بعضهم يقول له طبيعة واحدة، وبعضهم يقول الله ثالث ثلاثة، وبعضهم يقول الله هو المسيح"( ).
[متى تقرر كون المسيح ابنا لله]
   ثم جاء إمبراطور روماني اسمه قسطنطين جمعهم في مدينة اسمها نيقية، وقرَّر أن يجمعهم على عقيدة واحدة ويتَّفقوا على كتبٍ واحدة... في سنة 325، أي في نهاية الربع الأول للقرن الرابع الميلادي، [وهو] أوّلُ مجمع مسكوني ...اجتمع فيه ألفان وثلاثة وأربعون قسًّا ورجل دين نصرانيّ، من بينهم أناس موحِّدون مؤمنون أنّ المسيح رسول الله ...وكانوا أكثرية، وكان زعيمهم يقال له أريوس، لكنّ قسطنطين الإمبراطور نفسه كان يتبنى الوثنية...،[فقد] كان رومانيا ولم يدخل في النصرانية إلا سنة 313...، لهذا انحاز إلى الوثنية التي كان يؤمن بها هو وقومه [بتأييد] جانب أحد القساوسة يقال له بطرس - راعي كنيسة الإسكندرية- وهو من ادعى أن المسيح هو ابن الله ...ثم قام الإمبراطور بطرد الجماعة الموحدة...وقتلهم وحرقهم... وبقي ثلاث مائة وثمانية عشر قسيسا اجتمعوا وقرَّروا هذه الديانة النصرانية التي تعرفونها، وقرَّروا هذه الكتب التي يزعمون أنَّها كتبهم"( ).
   "وبعد عشرات السّنين وبالضّبط في مجمّع القسطنطينيّة سنة 381 م، تمّ إعلان عن صنع إله ثالث، وهو الرّوح القدس، فاكتمل الثّالوث"( ).

تم قراءة المقال 153 مرة