قيم الموضوع
(0 أصوات)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فإني فكرت في جمع بعض الأخطاء في تربية الأولاد، فلما قلبت النظر في بعضها رأيت أنها مهما عظمت وكثرت فلن تبلغ مبلغ خطأ واحد فريد عمت به البلوى في العصر الحاضر، وقل من سلم منه، هو إدخال هذا الشيطان الناطق إلى البيوت، فإن التربية الإسلامية لو كانت موجودة في البيوت والمدارس لما استطاعت أن تقاوم خطره، فكيف وهي مع الأسف الشديد غير موجودة.

     إن أخطار التلفاز (أو البث المباشر) كثيرة متنوعة حتى غلبت على ما يمكن أن يعد من محاسنه، بل محاسنه أصبحت بمثابة الطعم الذي يصطاد به الضعاف من الناس، وقد رأيت أن أبين أنواع الأخطار الموجودة فيه ليتجنب المؤمن إدخاله لبيته، أو للوقوف عليها حتى يحذرها الآباء ويحذروا منها الأولاد وهو أقل ما نرجوه.

 

24-التلفاز في قفض الاتهام

الانحرافات العقدية

1-بث النظريات الكفرية

   من أخطاره بث الإلحاد والنظريات الكفرية كنظرية داروين (أن أصل الإنسان قرد) والله تعالى يخبرنا أنه خلق آدم في أحسن تقويم، ومنها نظرية تناسخ الأرواح (انتقال الأرواح بعد الموت إلى أجساد أخرى) الذي يعني إنكار عذاب القبر ونعيمه وإنكار اليوم الآخر جملة وتفصيلا وغير ذلك مما يبث في كثير من الأشرطة العلمية –زعموا- وفي الأفلام الخيالية وحتى في الرسوم المتحركة.

2-الإلحاد في صفات رب العالمين

   ومنها الإلحاد في صفات الله عز وجل وذلك خاصة في الأفلام التي تحكي تاريخ الحضارات القديمة وفي الرسوم المتحركة، ومن ذلك أن يصور الإله شيخا فوق السحاب والملائكة نساء شبه العاريات من حوله ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله تعالى  يقول:]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [ (الشورى:11) وقال سبحانه : ] وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ[ (الزخرف:19).

3-إضعاف الولاء والبراء في القلوب

    ومنها إضعاف الولاء والبراء في القلوب -بل محوه وقتله-، وهو حاصل بكل الأفلام والبرامج الأجنية التي تبث، فأقل شيء يجنيه الأعداء أن يحبهم أبناء المسلمين وهو ما نراه فيهم من محبة اللاعبين والممثلين والمغنين والله تعالى يقول:] لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ[ (المجادلة:22)

4-خطر الأفلام الدينية

    ومن أخطاره بث عقائد فاسدة وأخلاق منحرفة في الأفلام المسماة بالأفلام الدينية، وتشويه صور الصحابة الكرام وعلماء الإسلام بطريق مباشر أو غير مباشر، ومثال ذلك ما جاء في فيلم الرسالة المشهور من الزعم بأن الله في كل مكان، وهو سبحانه فوق السماوات مستوى على عرشه، وما فيه من التجاهل الكامل لأكابر الصحابة رضي الله عنهم كأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم.

5-تشويه صورة الإسلام
    ومن آثاره البارزة الواضحة تشويه صورة الإسلام والمسلمين، ووصفه بدين العنف والتخلف، وربما يكون فيه استهزاء بشعائر الدين كالمساجد والأعياد والحجاب ، وكل ذلك موجود في الأفلام ونشرات الأخبار وعلى لسان من يستضاف للإدلاء برأيه في قضايا العصر من يهود ونصارى ومرتدين في القنوات العربية والغربية.

6-الدعوة الصريحة إلى الشرك والضلال

    ومن الخطر الموجود فيه الحصص التي تدعو إلى النصرانية صراحة وإلى عبادة أهل القبور (الأولياء الصالحين)، والتي تروج للسحر والكهانة بل تربط الناس بالسحرة وتدل عليهم. إضافة إلى خطر الفتاوى المضللة التي تبث مباشرة في بعض القنوات المنحرفة تدعو إلى الانحلال والبدع والضلال باسم الدين، والأبناء والأهل في البيوت لا يكادون يفرقون بين المحق والمبطل فيغترون بها.

الانحرافات الأخلاقية والعبادية

1-نزع الحياء ونشر التعري

    ومن أخطاره نشر الانحرافات الخلقية في مقدمتها نزع الحياء والحشمة والمروءة، عن طريق نشر صور النساء ومناظر المجون والخلاعة، وكلمات الفحش والخنا، وأثر هذه الأفلام ظاهر في مجتمعنا لا يخفي على ذي بصر وبصيرة، فقد ذهب الحياء من كثير من النساء باسم التقدم والحرية وماتت الرجولة في قلوب كثير من الرجال فلم يبق منهم إلا الأشكال.

2-الدعوة إلى العقوق والنشوز

    ومن أخطاره الظاهرة الدعوة إلى العقوق ونشوز الأزواج، عن طريق الأفلام التي تظهر الأبناء أو الأزواج في صور المظلومين والمضطهدين فينتفضون ضد أهاليهم المستبدين، فيتعلم الابن ضرب والده وتتعلم الزوجة سنة الفرار من البيت أو رفع الصوت على زوجها وقلة الأدب مع أقاربه، كل ذلك وغيره يعرض في صور فكاهية مضحكة أو درامية محزنة، والقلوب الضعيفة يلعب بها الشيطان ويغريها بالاقتداء بهؤلاء الأبطال الأنذال.

3-تهوين أمر الجريمة

    ومنها تهوين أمر الجريمة والرذائل ، خاصة إذا كان الذي يمارسها بطل أبطال الأفلام والمسلسلات، وعلم مشهور منهم ، بل إن مجرد تكرر تلك المناظر القتل والعنف والسرقة والسطو والاغتصاب وقطع الطريق ، يجعل الطفل الناشئ يستهين بها لا يعظمها وديننا نهينا عن الحديث عن الفواحش وإشاعة أخبارها ولو كانت واقعة، فكيف إذا كانت مصطنعة لما في ذلك من أثر على القلوب، قال تعالى :] إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[ (النور:19)

4-توقيد الغرائز والشهوات

    ومنها الدعوة الصريحة إلى التفسخ والانحلال، وتوقيد الغرائز والشهوات لدى الإنسان السوى ، وتعليم الصغار ما يدخلهم في مرحلة المراهقة –التي يباح فيها عندهم كل شيء- في سن مبكر، ولا يخلو فيلم بل ربما حتى الرسوم المتحركة من شيء ذلك .

5-إقرار المنكرات وموت القلب

    ومن مفاسده إقرار المنكرات وموت القلب وهو أقل ما يجنيه من يتابع أفلام التلفاز وبرامجه المتنوعة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:»لا يدخل الجنة ديوث « وهو الذي يقر الخبث في أهله ، كمن يجتمع مع أبنائه وبناته على مشاهدة الأفلام الغرامية أو التي تحوي مشاهد ماجنة .

6-النظر إلى المحرمات

    ومنها النظر إلى المحرمات والصور التي لا يحل النظر إليها الأمر الذي يضعف الإيمان ويقسي القلب، وعن طريق التلفاز تنظر المرأة إلى الرجال والرجال إلى النساء دون رادع أو مانع ، والله تعالى يقول :] قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [ (النور:30-31).

7-سماع الغناء

    ومنها سماع الأغاني والآلات الموسيقية التي تضعف الإيمان وتقسي القلب وتدعو إلى الشرك والخمر والزنا وأنواع الفواحش ، ولا يخلو برنامج منها لا برامج الأطفال ولا النساء ولا الأشرطة العلمية بل ولا نشرات الأخبار. وتحريم الغناء قد بيناه بدلائله ومفاسده في مقالة سابقة (في طريق الإصلاح رقم 19).

8-التلفاز يصد عن الصلاة والإيمان

    ولو نظر الإنسان في مفاسد الخمر وأسباب تحريمه وفي مفاسد الغناء وعلل تحريمه لأدرك أن التلفاز قد جمع هذه المفاسد زاد عليها وأنه أحق بالتحريم فهو مجمع الخبائث، ويكفيه أنه أصبح يعبد من دون الله تعالى ويصد الناس عن الدين وعن الصلاة ويجعلهم يؤخرونها عن الجماعة وعن آدائها في وقتها.

9-تضييع الأوقات وفناء الأعمار

    ومنها تضييع الأوقات وإفناء الأعمار فيما لا ينفع إن لم يضر، والوقت هو رأس مال الإنسان ، وسيسأل عنه يوم القيامة فيم أمضاه يسال عن لحظة وعن دقيقة، وما أكثر ما يلهي هذا التلفاز الناس عن مصالحهم في دنياهم بل ويصدهم عن سبيل الله.

الأخطار الثقافية والصحية

1-التلفاز يشغل شبابنا عن العلم إذ تراهم يتابعون البرنامج تلو البرنامج، ويقلبون النظر في القناة تلو القناة، فيضيعون فروضهم ودراستهم بسبب الطاعون الملهي ذي الشهوة التي لا تنقضي.

2-التلفاز يبث الكسل وعدم الجدية في نفسية من يدمن النظر فيه، لذلك أصبحنا نرى شبابنا لا يحبون العمل خاملين غير منتجين لما ألفوا من الجلوس أمام هذا الشيطان المسكر والمفتر.

3-التلفاز يضعف اللغة العربية لدى الناشئة ، وهو أمر له تأثير واضح على السلوك ومستوى التفكير.

4-من آثار برامج التلفاز هبوط مستوى التفكير وتأخر نمو العقل، وهو أمر يلاحظه العام والخاص بين شباب الأمس وشباب اليوم، لكنهم ربما جهلوا أن سببه هو التلفاز المربي الأول في المجتمع.

5-لأنه أدى إلى تعطيل كثير من الأمور العملية المثمرة والمؤثرة في نمو العقل كالقراءة والبحث والكتابة وممارسة الرياضة والمخالطة.

6-وكذلك من آثاره التأثير على توازن الشخصية فأفلام الرعب لها تأثيرها، وأفلام الهزل والكارتون (الرسوم المتحركة) لها تأثيرها، وأفلام الخيال لها تأثيرها.

7-التلفاز أداة للغزو الثقافي وقد ساهم في نشر عادات كثيرة غير إسلامية بين المسلمين وثقافات أجنبية عنهم فمسخهم وصيرهم لا يعرفون أنفسهم ويميزونها عن غيرهم.

8-التلفاز يؤثر على الأعصاب لكثرة ما فيه من الضجيج والصخب، هذه موسيقى وهذا صراخ وهذا انفجار وهذا جدال الخ كل ذلك يؤثر على نفسية الإنسان سلبا وهو لا يشعر.

9-كثرة النظر إليه تورث ضعف البصر من جراء الضوء الصادر منه، الذي يجعل القرنية منفتحة دائما حتى تصاب بالإرهاق.

10-التلفاز سبب في كثير من الحوادث التي تحدث في البيوت والتي يذهب ضحيتها الأطفال الصغار، نتيجة غفلة الأمهات المفتونات بهذا الجهاز اللعين.

البديل

   إن جهاز الحاسوب (الكومبيوتر) هو البديل المقترح، فهو وسيلة علم وثقافة في أصله، ويمكن لممتلكه أن يتحكم فيه من جهة الوقت ونوعية البرامج، ويستطيع الأب أن يعرض فيه لأبنائه الأشرطة العلمية والحصص الدينية وبرامج الأطفال التعليمية والترفيهية، لأنه أضحى في هذا الزمان من المحال منع الأولاد من مشاهدة التلفاز إلا ببديل، ولأن فيها إعانة على التربية إذا كانت تربوية إسلامية مختارة . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تم قراءة المقال 4075 مرة