الانجيل الموضوع انجيل برنابا
كان نوح بن أبي مريم رجلا صالحا جمع علوما كثيرة في زمانه حتى سمي بنوح الجامع لكنه كما قال ابن حبان جمع كل شيء إلا الصدق، ومراده أنه كان يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ..وقد اعترف بوضع الأحاديث فلما قيل له كيف تتجرأ على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاب بقوله : أنا أكذب له لا عليه ، ومن أشهر ما اعترف بوضعه أحاديث فضل قراءة كل سورة من سور القرآن أي 114 حديثا ..قال رأيت الناس اشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن اسحاق وهجروا القرآن فأردت أن أرغبهم في قراءة القرآن..لكن علماء السنة أسقطوا روايته وعلمه رأسا وأصبح يمثل به للكذابين المغفلين الذين يفسدون الدين ويظنون أنهم يحسنون صنعا..
ويعتبر هذا التفكير الساذج نواة الفكر المكيافيلي في الإسلام الذي تبنته طوائف الخرافيين والدجالين المنتسبين إلى الإسلام، كما أنه امتداد لفكر بولس محرف النصرانية الذي اتهمه الحواريون في عصره بالكذب على الله وعلى عيسى عليه السلام فأجابهم بقوله إذا كان مجد الله يزداد بكذبي لصالحه فلماذا اعتبر مذنبا كما في رسالته إلى أهل رومية ..
ومن الخرافيين المنتسبين إلى الإسلام من تشبه ببولس وتعدى كذبه الكذب على الأنبياء إلى الكذب على الله تعالى، كمن ادعي أنه عرج به إلى السماء وأن الله كلمه وأوصاه ..وكمن وضع الإنجيل المسمى بإنجيل برنابا، وهذا الانجيل الذي لازلت أقرأ عنه في كتب الرد على النصارى من أنه يحوى البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه ذكر فيه كذا وكذا مرة، وكنت ممن يظنه أصدق الأناجيل..ثم لما قدر الله لي أن أقف عليه قرأته بنهمة كبيرة وعكفت عليه حتى ختمته في يومين أو ثلاث...لكن صدمت بعدة صدمات الصدمة الأولى كانت متعلقة بحجمه الكبير الذي لم أكن أتوقعه ..ثم الصدمة الثانية كانت في مقدمة الكاتب التي يصرح فيها الكاتب بأنه ألف هذا الإنجيل ليرد على تحريف بولس لدين المسيح عليه السلام ألفه من خلال ما سمعه وما شاهده من المسيح ..ونحن نعتقد ان الانجيل منزل من الله فكيف يكون مؤلفا من أحد الحواريين ...توالت الصدمات منها أنه استقبلتني فيه خرافات متأخري الصوفية ...والتكلف الظاهر لذكر محمد صلى الله عليه بمناسبة وبلا مناسبة ...وقد وضعت ورقة سجلت فيها كل تلك الدلائل والاشكالات والعلامات التي تدل على أن الكتاب مكذوب، ومن أكبر تلك الصدمات صدمة أصابتني لما وصلت إلى فصل تغير فيه الأسلوب والمصطلحات وصار الكلام فلسفيا ..اذكر أني حينها تيقنت بأن الكتاب مكذوب لأن عيسى عليه السلام ولا شك لم يكن فيلسوفا..ثم عرفت بعد أيام قلائل من البحث أن ذلك الفصل منقول من الكوميديا الإلهية لدانتي ..حيث توجهت لقراءة كل ما كتب عن الانجيل نقدا أو تأييدا..وقد حصلت لي قناعة أن الانجيل موضوع (لمصلحة الدعوة) تحت شعار (الغاية تبرر الوسيلة) وكاتبه رجل غالب الظن أنه كان نصرانيا ثم أسلم وقد ضمنه شذرات من الفكر الإسلامي السائد في عصره..
وقد دعيت هذا المساء للتعليق على منشور زعم فيه كاتبه أن إنجيل برنابا هو الإنجيل الصحيح فكتبت تعليقا أكدت فيه على ثلاث نقط الأولى تضمنه خرافات صنعت في عصر متأخر من العصور الاسلامية..الثانية اقتباس الكاتب فصلا من الكوميدبا الالهية لدانتي..والثالثة تصريح الكاتب أن مؤلف الانجيل هو برنابا.. ثم وجدت إشارة إلى أن صاحب الصفحة قد رد على تعليقي فلما حاولت الدخول وجدته قد حظرني ، وقد نقل لي أحد الأصدقاء تعليقه الذي لم يكن سوى سبا وشتما واتهاما لي الكذب..
أسفت أولا للحظر ثم زال الأسف لما قرأت تعليقه ..لأني كنت أظن الرجل فتح صفحة للحوار بين المسلمين والنصارى، ولا يفعل ذلك إلا من جمع بين العلم والحلم، ولا يشترط في هذا الجمع الكمال ..ولكن ظهر لي من رده الموجز مستواه في اللغة والأدب والعلم، وأنه ليس إلا واحدا من المغفلين الذي يظنون أنهم يخدمون الإسلام وهم يسهمون في هدمه بنشر مثل هذه الأباطيل، ومن ضاق صدره بنقاش مسلم لم يحو إلا حقائق ..كيف سيصبر على مناقشة النصارى الذين لا يقدرون على ترك القدح في القرآن وفي محمد صلى الله عليه وسلم كلما أفحموا بالحجج الدامغة التي تظهر تحريف الانجيل...