الأحد 23 ربيع الثاني 1446

الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوبة

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الأدلة القرآنية على حجية السنة النبوبة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، أما بعد فهذه ورقات أردت أن أجمع فيها أدلة القرآن العظيم الدالة على لزوم اتباع سنة نبينا الكريم، دلالة إليها تقريبا لها من طالبيها، وتأكيدا على أن حجية السنة مسألة قطعية لا تزال من قبيل المعلوم من الدين بالضرورة لدى العام والخاص؛ ورفعا لكل شك في أن من جحد السنة جملة فقد جحد النبوة وأنه ملحد من الملحدين، لا يصدق دعواه الإيمان بالقرآن الكريم إلا جاهل بدينه ومغفل لا دراية بكتاب ربه سبحانه ، وقد تضمن هذا الجمع أكثر من مائة دلالة واضحة صريحة ، وقد صنفتها في مطالب أربعة هي كالآتي.
المطلب الأول : الأدلة التي تدل على أن السنة وحي من الله تعالى
لقد قرن الله تعالى بين اسمه الجليل واسم في نبيه في الشهادة التي هي الركن الأول من أركان الإسلام، وجعل الإيمان به من الإيمان بالله تعالى فلا يؤمن ولا يكون مسلما ولا معصوم الدم والمال من زعم أنه يؤمن بالله تعالى ولا يؤمن برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، بل إن من كذب محمدا صلى الله عليه وسلم يعتبر مكذبا لجميع الرسل ، ودعوة الرسل واحدة وهي الدعوة إلى عبادة الله تعالى وحده، ولما كان الإيمان بالله تعالى لا يقف عند حد الاقرار بوجوده وملكه للكون، بل لا يتم إلا بإخلاص العبادة لله تعالى حبا وتعظيما خوفا ورجاء وتعظيما وطاعة وانقيادا واستسلاما ، فإن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لا يقف أيضا عند حد الاقرار بصدقه في دعواه النبوة والرسالة، بل لا بد بعد تصديقه في خبره من اتباعه والاقتداء به وطاعته في أوامره ونواهيه.
قال الشافعي (فقرة 236-241):" وضع الله رسوله من دينه وفرْضِه وكتابه، الموضعَ الذي أبان - جل ثناؤه - أنه جعله عَلَمًا لدينه، بما افترض من طاعته، وحرَّم من معصيته، وأبان من فضيلته، بما قَرَن من الإيمان برسوله مع الإيمان به، فقال تبارك وتعالى: " {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } [الأعراف: 158]، وقال: " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ (62) " [النور] .
فجعل كمال ابتداء الإيمان، الذي ما سواه تَبَع له: الإيمانَ بالله ورسوله معه، فلو آمن عبد به، ولم يؤمن برسوله: لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله معه، وهكذا سَنَّ رسولُ الله في كل من امتحنه للإيمان".
ومن هذا التقرير فإن كل دليل في القرآن يوجب الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم فهو دليل على حجية السنة النبوية ، وهذا أمر جلي في سيرته فإن المعاصر للنبي صلى الله وسلم لو قال له أشهد أنك رسول الله ولكن لا أتبعك ولا أطيعك لكان كافرا ، وحال غير المعاصر لن يختلف حاله إذا قال ذلك ، كما أن تعظيم النبي صلى الله وسلم ومحبته ونصرته لا يختلف حكمه بين من عاصره ومن لم يعاصره، فإن ذلك من مقتضى الإيمان والتصديق ، وضده من مقتضى الكفر والتكذيب .
ولذلك كان أول دليل ذكره الشافعي على حجية السنة في كتابه هو الإيمان بالرسالة ، ونحن في هذا المقام نتجاوز ذكر أدلة الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، التي قد يفهم منها الملحد في آيات الله أنها دالة على مجرد التصديق دون الطاعة والاتباع ، وننتقل إلى ذكر جنس الأدلة التي تؤكد على أن النبي صلى الله وسلم رسول مسدد بالوحي وأن الوحي لا يقتصر على القرآن الذي هو كلام الله تعالى المعجز المتعبد بتلاوته ، وأن الأصل فيما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال تشريعية إنما هو الوحي الإلهي وإلا فهي تحت رعاية هذا الوحي لا تخرج عنه
أولا : أدلة تؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم متبع للوحي
إنما كان الرسول رسولا بنزول الوحي عليه ، والوحي أعم من أن يكون القرآن الذي هو كلام الله تعالى .
وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع الوحي
1-فقال سبحانه {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } [الأنعام: 106]. الوحي أعم من القرآن كما هو معلوم والقدر الزائد عليه إنما نجده في السنة، وأيضا فإن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وعمله به هو إما تأكيد لمعناه إن كان واحدا أو تعيين له إن كان متعددا، فهو صلى الله عليه وسلم أفهم الناس للقرآن المنزل عليه.
2-وقال جل وعز : (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)
3-وقال تعالى : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } [الأحزاب:2].
وبعد أمره صلى الله عليه وسلم باتباع الوحي نقل عنه الاقرار بأنه متقيد بالوحي
4--فقال تعالى {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ } [الأنعام: 50] فالرسول صلى الله عليه وسلم بعد تبليغه القرآن مأمور بأن يتبع الوحي ، وقد قال -وأقره الله تعالى- بأنه لا يتبع إلا الوحي فما وجد مطابقا للقرآن فهو عمل بالقرآن وما وجد أكثر تفصيلا فهو تفسير للقرآن وتبيين له ، ومصدر ذلك التفسير والبيان هو الوحي المتبع.
5-وقال سبحانه { إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ } [الأحقاف: 9].
6-وقال تبارك وتعالى : {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ} [الأنبياء: 45] وقد أنذر صلى الله عليه وسلم بما تلا من آي القرآن وبما ذكر به من مواعظ وما جاء من أخبار يوم القيامة وغيرها مما ليس مذكورا أو ليس مفصلا في القرآن.
7-وقال جل جلاله {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15] وفي هذه الآية تأكيد لما سبق مع إضافة تجنب العصيان وهذه دلالة مستقلة تأتي، وقبلها اقراره صلى الله عليه وسلم أن تبديل الآي ونسخها إنما هو من جهة الوحي، والمنسوخ منه ما جاء مصرحا به في القرآن ومنه وما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإزالته وذلك الأمر وحي، كما أن وضع كل آية في موضعه وكل سورة إنما كان بوحي من الله تعالى.
ثانيا : الشهادة له بالاهتداء إلى الصراط والهداية إليه
وبعد الأمر باتباع الوحي والاقرار من الرسول صلى الله وعليه بكونه متبعا له وإقرار الله له تأتي الشهادة له بالاهتداء إلى الصراط المستقيم والهداية إليه.
8-فقال له رب العزو سبحانه : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 161].
9-ثم قال له : {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [الشورى: 52] وهذه الهداية هي المسماة هداية البيان والإرشاد.
ثالثا الرسول صلى الله وسلم لا يعصي
ولازم اتباع الوحي عدم مخالفته ، وتقصد المخالفة يسمى عصيانا وهذا مما ينزه عنه الرسول الكريم .
10-قال سبحانه :{ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الزمر: 13] فالرسول كان قاصدا الامتثال والطاعة في كل أقواله وأفعاله، وما دام الأمر كذلك مع إقرار الوحي كانت حجة جميعها .
رابعا : تسديد خطأ النبي صلى الله عليه وسلم
والرسول صلى الله عليه وسلم قد يتصرف تصرف المبلغ والمعلم كما كان يتصرف التصرف العادي ، وقد يتصرف في قضايا لم ينزل فيها وحي ، وما كان مخطئا فيه فقد جاءه التصويب من السماء ، وهذا يدل على أن كل ما لم يتعقب فيه من أقوال وأفعال فهو جار على مقتضى الوحي وموافقته.
11-وقد قال تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67]
12-وقال سبحانه: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ } [التوبة: 43].
13-وقال جل جلاله : {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التحريم: 1]
14-وقال سبحانه : {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } [عبس: 1، 2]
وقلة التصويبات القرآنية دالة على الأصل المذكور ومؤكدة له.
خامسا : أحكام الرسول صلى الله عليه وسلم وحي
    ومن نصوص القرآن الدالة على حجية السنة والدالة على أنها وحي آيات تتحدث عن أحكام الرسول صلى الله عليه وسلم بين الناس ومنها :
15-قوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] فالكتاب المنزل هو القرآن الكريم وهو مصدر القوانين ، وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم بين الناس يكون بما تضمنه من الحق وما أراه الله تعالى، فأخبر الله عن أمرين اثنين لابد من تمايزهما أحدهما كتاب منزل وهو وحي ، والثاني : ما أراه الله تعالى وهو وحي آخر.
16-وقال جل في علاه : {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ } [المائدة: 48] وهذا أمر لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد امتثله، ومنه فإن أحكامه كلها لا تخرج عما أنزله الله وشرعه .
17-وقال سبحانه : {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: 49] وهذا مثل سابقه فما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون مخلفا لما أنزل الله تعالى.
سادسا : الرسول صلى الله عليه وسلم مبين للكتاب
ومن أدلة القرآن الدالة على حجية السنة من جهة كونها وحيا: أدلة تؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم مبين ومبين للقرآن الكريم .
18-فقال تعالى {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ} [الزخرف: 29] فالحق هو القرآن الكريم والرسول المبين هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي بين لهم الحجج وأزال الشبه.
19-وقال : ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) (الدخان:13)
20-وقال سبحانه :  {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 64] فالقرآن بعد تنزيله يحتاج إلى تبيين من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك البيان هو سنته المنقولة عنه.
سابعا : الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بالوحي
   وخلاصة الأدلة السابقة أن الرسول صلى الله عليه مأمور بتبليغ الوحي وباتباع الوحي وأنه مسدد بالوحي ، لذلك قال ربنا عزوجل مبينا حال النبي صلى الله عليه وسلم وما ينطق به .
21-فقال سبحانه وتعالى : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]
ثامنا : السنة هي الحكمة المنزلة من عند الله تعالى
     في القرآن الكريم آيات كثيرة تخبرنا أن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم شيئان الكتاب والحكمة ، ولما كان الكتاب هو القرآن الكريم ، فلم يبق شيء نزل معه إلا تفسيره وتطبيقه الذي هو السنة النبوية لا غير .
22-قال الله تعالى :{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129]
23- وقال سبحانه :{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151] فذكر الله تعالى في الآيتين تلاوة وتزكية وكتابا وحكمة ، فالتلاوة للكتاب المتعبد بتلاوته والتزكية بالحكمة النبوية المرافقة لنزوله والمتكررة مشاهدتها لهم.
24-وقال جل جلاله : {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} [البقرة: 231].
25-وقال عز وجل : {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
26-وقال تبارك اسمه :{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } [النساء: 113].
27- وقال سبحانه { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } [الأحزاب: 34].
28-وقال تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]
     قال الشافعي (فقرة 252-257) :"فذكر الله الكتاب، وهو القُرَآن، وذكر الحِكْمَة، فسمعتُ مَنْ أرْضى من أهل العلم بالقُرَآن يقول: الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يشبه ما قال، والله أعلم.
لأن القُرَآن ذُكر وأُتْبِعَتْه الحكمة، وذكرَ الله منَّه على خَلْقه بتعليمهم الكتاب والحكمة، فلم يَجُزْ - والله أعلم - أن يقال الحكمة هاهنا إلا سنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله، وأن الله افترض طاعة رسوله، وحتَّم على الناس اتباع أمره، فلا يجوز أن يقال لقول: فرضٌ، إلا لكتاب الله، ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لِمَا وصفنا، من أنَّ الله جل وعز جَعَلَ الإيمان برسوله مقروناً بالإيمان به.
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مُبَيِّنَة عن الله عز وجل معنى ما أراد، دليلاً على خاصِّه وعامِّه، ثم قرن الحكمة بها بكتابه، فأتبعها إياه، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم".  

المطلب الثاني : الأدلة الآمرة بطاعة الرسول مقرونة بطاعة الله تعالى
   بعد أن ذكرنا الأدلة التي تبين أن السنة وحي من الله تعالى، ننتقل إلى جنس ثان من أدلة القرآن على حجية السنة وهو الأدلة التي تأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مقرونة بطاعة الله تعالى، وهذا الجنس يتضمن أنواعا حسب الألفاظ الدالة على هذا الأمر، الأول : الأمر بطاعة ورسوله ، والثاني : الثناء على من أطاع الله ورسوله ، والثالث :  التحذير من مخالفة الله ورسوله ، والرابع : الأمر بالتحاكم إلى الله ورسوله والرجوع إليهما، والخامس : التصريح بأن طاعة الرسول من طاعة الله تعالى.
   ووجه دلالة جميع هذه الآيات جعل طاعة الرسول صلى الله وسلم في منزلة طاعة الله تعالى، ومعصية الرسول في منزلة معصية الله تعالى، وحكم الرسول في منزلة حكم الله تعالى ، مع أن الحكم لله تعالى وحده، ولا يجوز يقال إن من أطاع الله فقد الرسول فتكون طاعة الرسول تحصيل حاصل، لأن كلام رب العالمين كله حكمة وليس فيه لغو ولا كلام غير مفيد، والفائدة في هذا الاقتران هي ما ذكرنا فكما أن من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كذب الله تعالى، فكذلك من عصى رسوله فقد عصاه، ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله ، وهو ما صرح الله تعالى به، ولقد كرر الله تعالى هذا المعنى في كتابه بصيغ عدة وفي سياقات مختلفة ليترسخ هذا الأمر في نفوس السامعين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل العصور قال تعالى (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (الأنعام: 19) ولا يتطرق إليه أدنى شك.
أولا : الأمر بطاعة الله ورسوله والتسوية بينهما
   أما النوع الأول فهو آيات تأمر صراحة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تحتاج إلا إلى تلاوتها وعدها وفي 14 آية ، 12 منها فيها الأمر بالطاعة وواحد الأمر بالاستجابة، وواحدة الأمر بالإرضاء.
29-قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 31، 32]
30-{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132]
31-{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59].
32-{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 92]
33-{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]
34-{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ } [الأنفال: 20]
35-{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]
36-{ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33]
37-{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } [النور: 54]
38- (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } [محمد: 33].
39-{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [التغابن: 12]
40-{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: 13]
41-{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال: 24]
42-{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (التوبة62)
ثانيا : الثناء على من أطاع الله ورسوله
  والنوع الثاني من هذا الجنس آيات ليس فيها الأمر بالطاعة لله ورسوله ولكنها تتضمن الثناء على من أطاعهما، والإخبار عن جزائه ومنزلته يوم القيامة وعن فوزه ونجاته ودخوله الجنة، وهي عشر آيات تتحدث عن جزاء الطاعة أو الاستجابة أو الرضا أو التسليم .   
43-{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (النساء:13)
44-{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } [النساء: 69]
45-{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71]
46-(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } [النور: 52]
47-{يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 71].
48-{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 17]
49-{ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الحجرات: 14]
50-{ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 172]
51-{وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ } [التوبة: 59]
52-{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] والتسليم هو الانقياد والطاعة
ثالثا : التحذير من معصية الله ورسوله
    والنوع الثالث من جنس الآيات التي قرنت بين طاعة الله وطاعة رسوله : الآيات التي تحذير من معصية الله ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا التحذير جاء بصيغ كثيرة منها : التحذير من المعصية ومن التولي عن الطاعة والندم على عدم الطاعة ، والتحذير من المشاقة والمحادة والتوعد بالحرب، والتحذير من الخيانة أو التقديم بين يدين الله ورسوله ، وإعلان البراءة والوعيد بالقتال.
53- (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ } [النساء: 13، 14]
54- (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36]
55-{ إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } [الجن: 23]
56-{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (النور:47) .
57- {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } [الأحزاب: 66]
58- {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 13]
59-{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (محمد32)
60-{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 4]
61- (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 63]
62-{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ } [المجادلة: 5].
63-{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} [المجادلة: 20]
64-{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة: 279]
65-{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]
66-{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1]
67-{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]
68-{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } [التوبة: 3]
رابعا : الأمر بالتحاكم إلى الله ورسوله والرجوع إليهما
والنوع الرابع هو الآيات التي تأمر المسلمين بالتحاكم إلى الله تعالى وإلى رسوله الكريم ، وهو تحاكم إلى الكتاب المنزل ورجوع إلى الرسول في حياته وإلى سنته بعد مماته، ودلالة هذه الآيات من أصرحها وهي تجعل التحاكم شرطا في الإيمان فعلم أنه شيء زائد على مجرد التصديق بالنبوة وأن رفض التحاكم إلى الله ورسوله هو شأن المشركين مثلهم المنافقين .
69-{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب:36]
70-{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا } [النساء: 61].
71-{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } [المائدة: 104]
72- (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ } [النور: 48]
73-{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (النور 51).
74-{ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
قال الشافعي (فقرة:266):"ومن تنازع ممن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رَدَّ الأمر إلى قضاء الله، ثم قضاء رسوله، فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء، نصًّا فيهما ولا في واحد منهما، رَدُّوه قِياساً على أحدهما".
خامسا : طاعة الرسول من طاعة الله
وآخر نوع نذكر التصريح بأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله تعالى ، وفي ذلك آيتان:
75-{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80]
76-{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [الفتح: 10]

المطلب الثالث : الأمر بطاعة الرسول واتباعه والاقتداء به والتحاكم إليه
   والجنس الثالث من أدلة القرآن على حجية السنة النبوية الأدلة الآمرة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم أمرا مفردا عن طاعة الله والأمر اتباعه والاقتداء به والتحاكم إليه، ولكثرة هذه الأدلة وتعددها نقسمها إلى الأنواع الآتية :
أولا : الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم أمرا مفردا
وهذا النوع يتضمن الأمر الصريح بالطاعة أو الاستئذان وتعليق الهداية والفلاح بالطاعة .
77- قال تعالى :{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]
78-وقال سبحانه : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ (النساء:64)
79-وقال :{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [النور: 53]
80-وقال : {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [النور: 56]
81- وقال : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ } [النور: 62]
82- وقال عز وجل { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [النور: 54]
83- وقال جل جلاله : (فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا } [الفتح: 16]
84-وقال {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } [الفتح: 9] ومما قيل في التفسير تعزروه تعظموه بالطاعة وتوقروه بجعله سيدا متبعا.
ثانيا : التحذير من معصية الرسول ومخالفته
  ولازم الأمر بالطاعة التحذير من معصيته ومخالفته ومشاقته ، وقد ورد هذا المعنى في آيات كثيرة بصيغ عدة منها :
85-قوله تعالى :{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } [الشعراء: 216]
86-وقوله سبحانه :{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ } [النساء: 81]
{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 16]
87-وقوله جل جلاله :{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ) (المجادلة8)
88-وقوله عز وجل : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [المجادلة: 9]
89-وقوله :{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } [النساء: 115]
90-وقوله تعالى :{ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا } [النساء: 42]
91-وقوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } [الحجرات: 2] قال ابن العربي (4/ 146) :"حرمة النبي- صلى الله عليه وسلم- ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه؛ فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به".
ثالثا : الأمر باتباع الرسول والاقتداء به
   ومن الآيات الدالة على حجية السنة الآيات الآمرة باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ، والصيغ الدالة على هذا المعنى كثيرة ، وهي واضحة الدلالة في وجوب الاتباع وأن الاتباع علامة الإيمان وسبب النجاة .
92-قال تعالى :{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ } [البقرة: 143]
93-وقال سبحانه {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)
94-وقال عز وجل{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53]
95-وقال تبارك وتعالى :{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ } [آل عمران: 101]
96-وقال {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ) [الأعراف: 157]
97-ثم قال (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]
98-وقال سبحانه :{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158]
99-وقال جل جلاله :{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108]
100-وقال :{وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} [إبراهيم: 44]
101-وقال :{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا } [الفرقان: 27]
102-وقال سبحانه :{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]
103-وقال جل جلاله :{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ } [التوبة: 120].
104-وقال :{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4] وصاحب الخلق العظيم قدوة للعالمين.
105-وقال { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الشعراء215)
106-وقال سبحانه {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ } [الممتحنة: 4] وإذا كان إبراهيم عليه السلام قدوة فإن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا كذلك.
رابعا : التحاكم إلى الرسول والرضا بحكمه
ومن أنواع هذا الجنس الأمر بالتحاكم والتقاضي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
107-فقال تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } [النساء: 65]
108-وقال بعدها : (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65]
109-وقال سبحانه : {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } [النساء: 83]
110-وقال {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [المائدة: 42]
خامسا : الرسول يحرم ويحل
ومن الدلالات على حجية سنته صلى الله عليه وسلم الإخبار عنه أن يحلل ويحرم ، وذلك لا يكون إلا بإذن الله تعالى وأمره .
111-فقال تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة: 29]
112-وقال سبحانه : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [الأعراف: 157].
الخاتمة
تم بحمد الله جمع ما رأيت دلالته ظاهرة ومباشرة على حجية السنة النبوية ، ويمكن للناظر أن يستدرك على ما ذكر ما خفيت دلالته أو ما خفيت علي دلالته وهي في نفس الأمر ظاهرة، وأختم هذه المقالة بإعادة ما قرر في أولها من أنه لا يوجد في الواقع من يؤمن القرآن ولا يتبع السنة ولا يوجد من يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ثم لا يتبع سنته ، فالمعرض عن النبي صلى الله عليه وسلم مكذب له ، والرافض لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مكذب للقرآن الكريم ، وظهور دلالات القرآن وتواترها يجعل الأمر قطعيا معلومات علما ضروريا يرفع كل عذر ويزيل كل شبهة عن كل عربي قرأ القرآن، ومنه فكل منكر للسنة وحجيتها يعتبر كافرا كفرا بواح، هذا بغض النظر عن لوازم قوله المؤدي إلى  إنكار جمع من الفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين .

تم قراءة المقال 71 مرة