الدرس التاسع: صفة الحياة والقيومية
أولا : صفة الحياة
من الصفات التي ينبغي أن نثبتها لله تعالى صفة الحياة، ومما يدلّ على ثبوتها:
1-قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) (البقرة: 255).
2-وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النحل:20-21)، فبيّن أنّ الحياة صفة واجبة للإله المعبود.
3-وكلُّ الصفات الفعلية الثابتة لله تعالى كالكلام والسمع والبصر والخلق والرزق والغضب والفرح تدلّ على صفة الحياة، لأنّ الفعل لا يصدر إلا من حيّ.
ولا نعلم كيفية هذه الصفة، وحياة الله تعالى تليق بجلاله وكماله سبحانه، وهي أكمل من صفة الحياة التي يتّصف بها المخلوق من وجوه:
1-أنّ حياة المخلوق يسبقها العدم ويعقبها الموت، وأما حياة الخالق جل وعلا فأزلية أبدية، قال سبحانه: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (الحديد:2).
2-أنّ حياة المخلوق تحتاج إلى راحة ونوم ويعتريها المرض والغفلة، وأمّا حياة المولى عز وجل فكاملة، كما قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) (البقرة:255)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ» رواه مسلم.
3-أنّ حياة المخلوق تفتقر إلى الطعام والشراب، وأمّا حياة الإله سبحانه فلا تحتاج إلى ذلك، قال تعالى : ( فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ) (الأنعام:14)، وقال : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) (المائدة:75)، فنفى عنهما الألوهية بإثبات الاحتياج إلى الطعام.
ثانيا : صفة القيومية
من الصفات التي ينبغي إثباتها لله تعالى صفة القيومية، قال تعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ) (طه:111) وقال النبي صلى الله عليه وسلم:« اللهم لك الحمد أنت قيِّم السموات والأرض ومن فيهن» متفق عليه، وصفة القيومية تتضمّن معنيين:
أحدهما: أن الله تبارك وتعالى هو القائم بنفسه الغني عن غيره.
الثاني: أن الله سبحانه هو المقيم لغيره القائم على شأنه وتدبير أمره، فهو القائم على الأقوات والأرزاق وهو أيضا الرقيب الحسيب، كما قال تعالى: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) (الرعد:33).
ثمرات الإيمان بصفتي الحياة والقيومية
1-زيادة تعظيم الإله جل جلاله في قلوب المؤمنين.
2-زيادة خوفه سبحانه فهو لا ينام ولا يغفل عن شيء من أعمالنا.
3-دعاؤه في كل وقت، قال تعالى: ( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (غافر:65).
4-التوكل عليه في الأمور كلها، قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) (الفرقان:58).
5-مراقبة الله تعالى في الأقوال والأعمال.
6-زيادة اليقين في الإيمان باليوم الآخر.