كلمات في فقيد الدعوة إلى الله تعالى يزيد حمزاوي رحمه الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد : فإننا نتوجه بالشكر الجزيل لإمام مسجد الطيب العقبي بباش جراح وللقائمين على مدرسة تاج الوقار القرآنية على تنظيم هذا اللقاء المبارك ؛ لذكر شيء من خصال الشيخ الفقيد أبي عبد الرحمن يزيد حمزاوي ومآثره رحمه الله تعالى، وإن هذا العمل لمن دلائل الوفاء وخصال الرجولة التي عزت في هذا الوقت، ولسنا ممن يذكر الرجال لمجرد الذكر ؛ ولكننا نذكرهم من أجل إبراز القدوات التي ينبغي أن يقتدى بها في الجوانب التي برزت فيها وعرفت بها، وإن المرء قد يخشى من الحديث عن حي لا تؤمن عليه الفتنة ، والمدح قد يكون ذبحا؛ ولكن إذا تعلق بمن فارقنا أمنَّا ذلك؛ والمادح لا يدعي عصمة أو تقديسا لأحد، ولكنه يبتغي تتبع المحاسن التي يرجو لها أن تذاع وتنتشر بين الناس، ولعل نشر تلك المحاسن يكون صدقة جارية للممدوح إذا اقتُدي به فيها، فيكون مثل نشر كتبه التي ترك وعلمه الذي ورث، هذا وقد وفقنا المولى عز وجل من قبل لإبراز ترجمة موجزة للشيخ الدكتور يزيد حمزاوي رحمه الله تعالى وضع أساسها ورثته الكرام وتداول على تهذيبها والزيادة عليها الشيخ يوسف بن عاطي حفظه الله تعالى ثم العبد الضعيف، وهي منشورة والحمد لله، وهذه المناسبة نعتبرها حافزا آخر لنرفع القلم مجددا للكتابة عن صديقنا فقيد الدعوة رحمه الله تعالى ، وقد رأيت أن تكون كلمتي اليوم موزعة على محورين، المحور الأول خصال الفقيد الخلقية التي يشهد له بها، والمحور الثاني علمه بالنصرانية وتمكنه منها ، وخاتمة فيها بشارات له رحمه الله.
المحور الأول: خصال الفقيد الخلقية
أما الخصال الخلقية فسنجملها في ثلاث نقاط : التواضع ونكرات الذات، والزهد في حطام الدنيا والرحمة بالإنسان والحيوان .
1- التواضع ونكران الذات
لقد كان الشيخ الدكتور يزيد رحمه الله متواضعا لا يختلف في ذلك اثنان ولا ينتطح فيه عنزان؛ يظهر ذلك من مظهره في لباسه وغيره وفي كلامه مع إخوانه وفي تصرفاته؛ فلا تراه ابدا مستعليا بعلمه ولا مفتخرا بشهاداته ولا بتجاربه ولا بمن لقي من المشايخ الكبار في مصر والشام ، وعندما كنا نلتقي قلما تراه يحكي عن نفسه أو عن أسرته ولا مشاكله الخاصة يحكي فقط عن الدعوة وأخبارها ومشاريعها ، وإذا ذكر شيئا من ذلك فبالعرض لا بالقصد ، والأئمة والناشطون في الدعوة يشهدون أنه كان يلبي كل الدعوات التي توجه له، ولا يعتذر إلا نادرا ، وكأن هذا الرجل لا شيء وراءه ولا شيء يشغله، ومن خصاله أنه كان يسعد لرؤية إخوانه ينشطون في ميادين الدعوة وبمشاركته لهم ومشاركتهم له، وكان يقول لهم إذا دعوه بالشيخ أنتم المشايخ أما أنا فصحفي مهتم بقضايا الدعوة، وقد كان يعظم جدا كلمة شيخ ويعتبرها ثقيلة جدا وأنه لا يستحقها رغم تحصيله للعلم الشرعي وجهوده الواضحة في الدعوة إلى الله تعالى، وله مع هذه النسبة "صحفي" حكاية طريفة كان يرددها كثيرا، حيث أنه كان في بداية التسعينات ممن رفض منهج الغلو في التجريح الذي برز فجأة، فقال له أحد المشايخ وهو يحاجه تقول:" مثل هذا الكلام وأنت تزعم أنك سلفي"، فأجابه يزيد: "أنا صحفي لا سلفي"، والمعنى أنه لا يدعي أنه سلفي حقا لأن ادعاء ذلك ضرب من تزكية النفس، ومن جهة أخرى كأنه قال له : حاول أن تقنعني لا أن تحتويني بمثل هذه الكلمة، ولا يخفى أن هذه الكلمة التي كانت عزيزة في بداية القرن الماضي صارت ممتهنة في بداية هذا القرن يدعيها كل من هب ودب، فبعدما كان الانتساب إليها لا يتم إلا بالدراسة والارتياض كما قال الإبراهيمي رحمه الله، صارت تكتسب بين عشية وضحاها بمجرد المظهر والثناء على فرد القدح في أفراد من غير حاجة إلى صبر على دراسة القرآن والسنة وسيرة السلف، ولا تربية وترويض للنفس على مقتضيات تلك الدراسة ..
2-الزهد في حطام الدنيا
ومن الخصال البارزة في حياة الشيخ الدكتور زهده في حطام الدنيا في أموالها ورتبها، ومما أذكره أني لما كنت أتأهب للسفر في أول تربص علمي في الخارج، ولم يكن لدي تصور كامل لواقع هذه التربصات، وعظني موعظة شديدة في الهاتف مبينا لي حقيقتها وأنها مجرد نهب للمال العام تحت ستار العلم، وقال لي بالحرف الواحد أتأكل الحرام، وقد جربتها فتيقنت صدق ما قاله، وأن المرء لا يقدر على تحقيق أهداف هذه التربصات ولو حرص، لأن تحقيقها لا يقف فقط على إرادة الأستاذ المتربص ولكن على عوامل أخرى في الداخل والخارج وهي منعدمة في الغالب الأعم، ولمن يتساءل عن موضع الزهد هنا يقال له: إن هذه التربصات عبارة عن سياحة يصحبها صرف أموال بالعملة الصعبة من خزينة الدولة، ومما حكي لي عن بعض عباد الأورو أنه ذهب إلى دولة أوربية في رحلة جوية في الصباح ووقع الوثائق في جامعة تلك الدولة منتصف النهار، وعاد إلى الجزائر في رحلة جوية في المساء، وذلك ليوفر تلك المبالغ، ثم إن الجامعة الجزائرية لا تحاسبه إلا بما يدل على خروجه ودخوله وبكلام إنشائي يتحدث فيه عن رحلته تلك في ورقة أو نصف ورقة، وكانت قبل تحاسبه بتوقيع الجهة المستقبلة المحددة سلفا لكنه ألغي بعد ذلك حيث اعتبر إجراء مهينا !!!.
ومن مظاهر زهد الشيخ زهده في الرتب العلمية الجامعية التي يترتب عليها أمور مادية، فهو قد توظف قبلي بأربع سنوات وناقش الدكتوراه قبلي بسنة، ورغم تأخري أيضا في بعض الترقيات فقد سبقته إلى الأستاذية، وكنت كلما أسأله عنها سواء التأهيل أو الأستاذية أجده غير مهتم ولا مبال، ولم يكن ذلك لافتقاده أسباب الترقيات، ولكن لأن قلبه كان مشغولا عنها وعن أسبابها، وهو يعلل ذلك بقوله: تهاونت ونسيت الأمر.
3-الرحمة بالإنسان والحيوان ...
ومن الصفات التي يجب ذكرها في هذا المقام صفة الرحمة، أعنى الرحمة بالخلق ، ولذلك تجليات ومواقف نذكر منها بعض ما يستحق أن يذكر ولعل من كان دائم الملازمة له قد رأى أكثر مما رأيناه أو بلغنا ، ومن أظهر الأشياء دلالة على رحمته بالناس في نظري حرصه على إنقاذ الناس من الهلاك في الآخرة، ومما أذكره أنه رحمه الله لم يقدر على ختم محاضرة له حيث إنه بعد أن صال وجال في حديث علمي عن التحريف عاد ليتحدث عن ردة أبناء الإسلام إلى النصرانية المحرفة، فغلبته الدمعة وتوقف عند كلمة : "أتباع سفيان الثوري" ومقصوده الأسف لحال الخلف الذين كان سلفهم هؤلاء الرجال أمثال سفيان الثوري وابن المبارك كيف انقلب حالهم وصاروا يتركون هذا الدين إلى دين محرف مليء بالتناقضات... ومن مظاهر رحمته رحمته بالحيوان وقد سبق أن كتبت في حياته رحمه الله عن ذلك ، وكان مما ذكرته في ذلك المقال أنه تورط مع كلب صدمته سيارة في الطريق السيار؛ فلما رآه عطف عليه وآواه في صندوق سيارته مدة ستة أسابيع من أجل إسعافه، فلما شفي نقله إلى بيته -الذي كان في طور البناء- لأنه لم يقدر على التخلص منه رحمة به وشفقة عليه.
المحور الثاني : علمه بالنصرانية وتمكنه منها
وأما المحور الثاني فنجيب فيه عن ثلاثة أسئلة : لماذا كان يشارك في ملتقيات حوار الأديان ؟ولماذا دعاه الأمريكان ليعلمهم الإنجيل ؟ ولماذا لقب بديدات الجزائر؟ وبعدها ننقل شيئا تطبيقيا وعمليا يؤكد تمكنه من العلم بالنصرانية ونصوصها تحت عنوان الحدس وصدق الفراسة .
1-لماذا المشاركة في ملتقيات حوار الأديان؟
مما هو معلوم أن الشيخ كان يشارك في الملتقيات المسماة ملتقيات حوار الأديان فهل تعلمون دوافع هذه المشاركة أو بعضا منها ؟ أقول لقد كان رحمه الله هو من شجعني وألح علي أن أحضرها، وأذكر إني قلت له أتؤمن بشيء اسمه حوار الأديان فقال إنه حوار لكن بمفهومنا لا بمفهوم الغرب هم يريدون لقاء مجاملات ونحن ندخله في مفهوم الجدال بالتي أحسن، وخاصة أن المنظمين لا يقيدونك إلا بالمحور أما المحتوى فللمشارك حرية كاملة فيما يطرح وطريقة الطرح، وقد قال لي نحن نقيم الحجة على القساوسة القاسية قلوبهم ولعلنا نؤثر في غيرهم، ونبهني إلى حضور طلبة متدربين على التنصير وأساليبه، وأنه كان يستهدفهم أكثر من غيرهم وكان ربما تواصل مع بعضهم بالبريد الإلكتروني بعد انقضاء الملتقى، فلما سألته: هل فيهم من أقنعته بالإسلام أو ترك النصرانية، فقال ليس ذلك سهلا ولكن يوجد من انسحب من الانتساب الى البعثات التنصيرية- وقد أقنعني فكان أول حضور لي سنة 2010، وكان من الثمار التي وجدناها جميعا الارتباط الوثيق بين التنصير والاستعمار فالأمر لا يختلف عما كان عليه قديما، وكذا ارتباط حركة التنصير الإنجيلية بالحركة الصهيونية العالمية، وأن ملتقيات حوار الأديان ما هي إلا مجرد فخاخ لاصطياد الضعفاء ولإيجاد طريق آمن ومعبد للتوغل إلى المجتمعات الإسلامية التي يعتبرونها منعزلة ومنغلقة على نفسها..
2-لماذا قيل له: ندعوك إلى أمريكا لتعلمنا الإنجيل ؟
كما أشرت من قبل إن مشاركة يزيد رحمه الله في هذه الملتقيات لم تكن للمجاملة ولكن للدعوة وإقامة الحجة، قد بين للحاضرين جهل رؤوسهم بالكتاب المقدس وأحرجهم حرجا كبيرا ، فكم من مناسبة تراه أمامهم تاليا نصوصا من الكتاب المقدس، وهم يسارعون إلى نسخهم للتأكد من وجود النص ومن عباراته، وقد أذاع بعض إخواننا أن أحد كبرائهم قام بدعوته علنا ليذهب إلى أمريكا ليعلمهم الكتاب المقدس، ولقد كنت حاضرا في تلك الجلسة والداعي له لم يكن مسرورا ولكن محرجا، ولقد كانت عيناه تقطر حقدا، ولم يخف علينا حنقه رغم الابتسامة الصفراء التي كانت تعتلي وجهه الأصفر، لا أشك في قصده إيقاف زحف يزيد في تلك المناظرة، ولعله أراد أيضا إظهار تواضعه أمام المتدربين، وأما صدقه في دعوته فمما أشك فيه –هذا رأيي- وقد همست يومها في أذن الشيخ مازحا: لعلهم يريدون استدراجك إلى أمريكا من أجل تسميمك، فأجابني: بأنه يعلم عدم صدقه ومع ذلك قال:" ولو أتيحت لي الفرصة فلن أضيعها".
وإني أؤكد أن الشيخ زلزل قواعد تلك الكنيسة المعمدانية المتطرفة، أخبرنا بذلك المنظمون الذين تلقوا شكاوي تتعلق بالموضوعات التي يطرقها يزيد رحمه الله تعالى وطريقة نقاشه، وتيقنت تأثيره في طلبتهم يوم أن التقينا في الورشات التي كانت بعيدا عن مكان الملتقى الرسمي؛ فلاحظ يزيد أن الحضور اقتصر على الرؤوس فقط وأنهم تعمدوا ترك المتدربين خلفهم..
وفي أحد الملتقيات-والغالب أنه ملتقى سنة 2013- لم يحضر معه محاضرة مكتوبة، ولكن أحضر سجلا مليئا بالجداول فيه ألوان من تناقضات الكتاب المقدس وأخطائه وغيرها، وقال لي هذا العام سأقنبلهم وأخرجهم عن عقولهم، فشوقني إلى تلك المحاضرة التي رأيته خرج فيها عن محور الملقى رأسا، فقدم بمقدمة جلب بها اهتمامهم وخطف أنظارهم وقلوبهم واستخرج ابتساماتهم؛ حيث أخذ يعيد عليهم صور برنامج دعائي نصراني في قناة أمريكية معروفة، وكانت فيه عبارة معناها أن الكتاب المقدس هو الهادي إلى الطريق، وبعد فراغه من تصوير ذلك العرض، قال الآن تعالوا لنرى هذا الكتاب هل يصلح فعلا لهداية الناس إلى الطريق، وذكر أنه أحصى مواضع في نسخة الملك جميس تعد بالمئات –لا أذكر الرقم – يقول صاحب الحاشية التي في أسفل الطبعة إنها غير واضحة وغير مفهومة، وتساءل هل يمكن لكتاب مثل هذا أن يكون هاديا للناس؟ وشرع يسرد عليهم مواضع منتخبة -وكانت المحاضرة بالإنجليزية -، وقد لمحت الوجوه المستبشرة قد تجهمت واكفهرت، بل إنه مع تماديه في سرد النماذج أخل هؤلاء القساوسة باللياقة؛ حيث قاموا من مقاعدهم مطالبين إياه بالتوقف؟؟؟ لقد أوجعهم فعلا، لأن ذلك الكلام سيحطم معنويات طلبتهم المتدربين ويسقط من قيمة نسختهم المقدسة للكتاب المقدس.
تلك السنة كانت آخر سنة ندعى فيها للمشاركة، وأما يزيد رحمه الله فاتصل به بعض الصحراويين سنة 2014 ، وقال له : لقد ضغط الأمريكان من أجل إقصائك، ولكن لا معنى لهذا الملتقى من دونك فترجاه للحضور ووجه دعوة خاصة، فلبى دعوته رحمه الله تعالى لسنتين متواليتين؛ وسافر على حسابه الخاص برا من الجزائر العاصمة إلى تندوف.
3-لماذا لقب بديدات الجزائر ؟
لقد تعمق أخونا الدكتور يزيد في دراسة النصرانية ونصوصها تعمقا جعلها اهتمامه الأول؛ الذي تغلب حتى على تخصصه الجامعي وهو أصول التربية، وتظهر هذه الغلبة في إنتاجه العلمي وكتاباته الصحفية أيضا ، وكان من أثر هذا التعمق أن صار يحفظ نصوصا كثيرة من الكتاب المقدس باللغتين العربية والإنجليزية، -مع مواضعها -، ومن النكت التي حدثت لنا أننا خرجنا في رحلة دعوية إلى تيزي وزو، وكان معنا الشيخ أبو سعيد حفظه الله ، فعرض عليه أن يتقدم للصلاة فقال له يزيد مازحا:" أخشى أن أقرأ لكم نصوصا من التوراة والإنجيل بدلا من القرآن"، وهي مزحة لها ما يسندها؛ إذ كم حضرنا محاوراته فرأينا سرعة استحضاره لنصوص التوراة والإنجيل مع مواضعها، وإذا كان المحاور أمريكيا كان ذكره لها باللغة الإنجليزية، وذلك أنه اكتشف خيانة المترجم الترجمة الفورية إذا كان أمريكيا أو عجزه أحيانا إن كان صحراويا، ومما أذكره أن المرة الثانية التي حضرت فيها للملتقى وكانت سنة 2011 ، أعلِمنا بموعد السفر في وقت متأخر حيث قدم الملتقى عن موعده شهرا، فلم أتمكن من تحرير موضوع مداخلتي كتابيا إلا بعد وصولنا إلى تندوف، وكنت ملتزما بكتابة مداخلتي كاملة مع تضمينها ترجمة نصوص القرآن والكتاب المقدس إلى الإنجليزية، تسهيلا لعمل القائم على الترجمة الفورية، وأذكر إني لما وصلت إلى كتابة الخاتمة سألت يزيد رحمه الله أين أجد الآية التي يقول فيها عيسى عليه السلام لم آت لأبدل الشريعة؟ فأجابني قبل أن أتم سؤالي:" آه موعظة الجبل تجدها في إنجيل متى الاصحاح 5 ".
وكان القساوسة الذي يحضرون منهم من هو دائم الحضور وهم من الكنيسة المعمدانية الأمريكية، وكان يحضر آخرون جدد من متدربين، ومن دول أخرى ومن كنائس أخرى، وفي مرة لما كان الشيخ يزيد يتكلم بالإنجليزية ويستدل بالنصوص الإنجيلية إلتفت إلي أحدهم متعجبا –وغالب ظني أنه ألماني من أصول فرنسية – وقال لي من يكون هذا؟ فقلت له مازحا قبل أن أجيبه:" إنه قس أسلم" رحمه الله تعالى.
وهذا التمكن الذي وصل إليه يزيد رحمه الله لم يأت صدفة ولا من فراغ، بل هو ثمرة سنوات من الجد والصبر على القراءة والمقارنة مع توفيق رباني ولا شك ، وقد صرح في محاضرة ألقيت سنة 2008 أنه أن مقدار ما جمعه من الأخطاء والتناقضات يعد بالآلاف ، ولتعلموا مقدار الصبر الذي يحتاج إليه في هذا التخصص والطريق الموصل إلى حفظ النصوص التوراتية والإنجيلية، أبشركم بأن للشيخ كتاب رابع نسأل الله تعالى أن يجد طريقه للنشر ، عنوانه :"أبشروا لم يعد المسيح ابنا لله " عدد ما اعتمده طبعات الكتاب المقدس بلغ 25 طبعة، 14 طبعة إنجليزية، و7 طبعات فرنسية و4 طبعات عربية، مما يعني أن كل نص كتبه في هذا الكتاب قرأه على الأقل 25 مرة مدققا في عباراته ومدلولاته -أقول على الأقل لأنه ربما قرأ طبعات أخرى لم يجد فيها مبتغاه- أفلا يمكن المرء أن يحفظ النص بتكرار قراءته 25 مرة و30 مرة مع الكتابة والمقارنة؟ نعم هو ممكن لكن الأمر يحتاج إلى صبر كما ذكرنا، ولعلنا نجد في أمتنا من ينسج على منوال يزيد رحمه الله تعالى.
4-الحدس وصدق الفراسة
ومما ينبغي ذكره في هذا المضمار أن الشيخ رحمه الله قد اكتسب حدسا خاصا في كشف التحريفات، وامتلك ملكة عالية في نقد الكتاب المقدس، وأسوق لكم هذا المثال من كتابه المبشر به والذي لم يتمه، تحت عنوان تلاعب النصارى بالحروف والضمائر كتب هذه العبارة (الرؤيا 1: أبيه .....الأب، تأكد من الموضوع) وهو يقصد أن في رسالة رؤيا يوحنا الإصحاح 1 العدد 6 وردت عبارة (أبيه) التي تخصص المسيح بكونه ابنا لله من دون بقية الصالحين، والشيخ توقع أن في النص تلاعبا وأن الصواب هو عبارة (الأب)، التي لا تدل على الخصوصية، وقال (تأكد من الموضوع) ، مما يعني أن هذا الأمر كان مجرد خاطرة خطرت له، وأنها تحتاج إلى تثبت، فلما رأيت هذا النص سلكت مسلكه ورجعت إلى الترجمات التي صرح بالرجوع إليها والتي لم يصرح؛ عسى أن أجد من صححها أو أشار إلى اختلاف النسخ الخطية في الهامش فلم أظفر بشيء، ورجعت إلى الترجمة المباشرة بين السطور من النص اليوناني، فلم أجد شيئا، رجعت الى المخطوطتين السينائية والسكندرية فلم أجد شيئا سوى اختلافا يسيرا، توهمت أنه اختصار لكلمة (الأب)، فلما أيست قمت بترجمة الكلمات اليونانية كلمة كلمة، وهنا ظهرت لي خيانة صاحب الترجمة التي بين السطور وتلاعبه بالضمائر، وظهر أيضا غلط جميع الترجمات الموجودة في النت على كثرتها ، وتجلى أن ما توقعه الشيخ يزيد رحمه الله كان في محله، وليفهم المهتم الفرق بين النص الموجود في جميع الطبعات، والترجمة المباشرة للنص اليوناني أنقلهما هنا معا، فأما الموجود حسب ترجمة فاندايك العربية:"وجعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه، له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين ". وأما الترجمة المباشرة للكلمات اليونانية فتعطينا هذا النص:"وجعلنا مملكة كنهة لله، والأب له هذا المجد والسلطان إلى أبد الدهر " والبون بين النصين شاسع حيث تم التلاعب بالضمائر ومكان وضع الفاصلة أيضا.
خاتمة
ونختم هذه المداخلة : بذكر بشارات تخص الشيخ يزيد رحمه الله ، وأولها تلك الضجة التي هزة الأنترنت من الفضاء الأزرق واليوتيوب يوم وفاته بالحديث عنه تعريفا به وبمؤلفاته وبرثائه سواء من أهل الجزائر أو غيرها من البلدان، ولعل ذلك كان دليلا على إخلاصه وهو الذي كان بعيدا طول حياته عن الأضواء رحمه الله، ولم أزد يومها على كتابة نعيه ووصفه بالمجاهد رحمه الله، لأن الصدمة كانت قد ألجمت اللسان وعقلت البنان، ونحن اليوم نقول ونكتب بعض ما يجب قوله في حقه رحمه الله، ومن تلك البشارات رؤيا رئيت له رحمه الله بعد أشهر من وفاته، يقول الرائي إنه رآه متكئا في غرفة يرتدي قشابية بنية وله جثة عظيمة طولة نحو 4 أو 5 متر ويحمل في يده عصا، وهو ينظر إلى قدميه ويقول للرائي انظر ألا ترى القط، والرائي لم يكن يرى شيئا، ولست خبيرا بالتعبير ولكن كل ما ذكر يدل على الخير إن شاء الله تعالى وقد عبرها لي بعض الأفاضل، ومنهم من التمست منه ذلك كتابيا قصد إدراج تعبيره في هذه المدخلة وقد أجابني وشرط عدم ذكر اسمه جزاه الله خيرا فقال : .. إذا رئي الميت في المنام وكان طويل القامة وضخم الجثة وحاملا للعصا، فيعبر على جميل مقامه وحسن أفعاله .. أما وجوده في غرفة وهو متكئ، فمعناه أنه في أمن إن شاء الله لقَوْله تَعَالَى "وهم فِي الغرفات آمنون" .. وأما رؤية القط أسفل القدمين والميت يشير إليه وهو مبتسم، فهو كتابه وصفيحته، وقد يدل القط على شخص نافع لأهل بيته لطواف ودوران القطط على أهل البيت. والله أعلم". وسبحانك اللهم بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
ملاحظة : في المداخلة المصورة لم يتم إلقاء إلا ملخص موجز مما أعد وكتب وفقا للوقت المتاح ...وهذا النص الكامل الذي كتب بأناة وبعد مراجعة .
ألقيت المداخلة مساء الجمعة بعد المغرب 15 شعبان 1443 الموافق ل18 مارس 2022
في مصلى مدرسة تاج الوقار التابعة لمسجد الطيب العقبي بباش جراح
للاتصال المباشر يستعمل رقم الهاتف : 0550660118 ...
عقوبة من يدعو إلى دين غير الإسلام في الجزائر ...
صدر كتابان جديدان في يناير سنة 2020 للدكتور محمد حاج عيسى عن دار الإمام مالك البليدة الجزائر 1-عبادة الشكر..يقع في 70 صفحة من الحجم الصغير 2-الوصول إلى الضروري من علم… ...
قائمة الكتب المطبوعة...1-عقيدة العلامة ابن باديس السلفية وبيان موقفه من العقيدة الأشعرية، ومعه أضواء على حياة عبد القادر الراشدي القسنطيني ط1-2003 2-أصول الدعوة السلفية عند العلامة ابن باديس، ط1-2006 3-عوائق… ...
صدر في جويلية 2022 كتاب منهجية البحث في العلوم الإسلامية يقع في 64 صفحة وقد ضمنته برنامج السنة الأولى الجذع المشترك ...
تم بحمد الله التفرغ لتبييض جميع حلقات تربية الأولاد في الإسلام وتم نشرها كلها خلال الشهر الفارط وسنتفرغ بإذن الله لتبييض حلقات شرح منهج السالكين ونشرها تباعا ...
تطلب مؤلفات أد محمد حاج عيسى من موزرع دار الإمام مالك رقم 0552959576 أو 0561461020 ...
صدر في سنة 2021 كتاب منهج البحث في علم أصول الفقه يقع في مجلدين وهي أطروحة للدكتوراه عن دار البصائر العراقية في استنبول . ...
أنشأنا في الموقع فرعا جديدا تحت ركن الدروس والمحاضرات وسميناه : دروس العقيدة الاسلامية للمبتدئين وهو برنامج ميسر للتدريس في المساجد والمدارس القرآنية ...