قيم الموضوع
(0 أصوات)

اعتراف أهل الفن بفساد الفن.
صحافة اليرموك العدد ٢٧٣، السبت ٢٠  محرم ١٤١٤ ه_ ١٠  تموز ١٩٩٣]
 مارلين مونرو: إني أتعس امرأة في الوجود. 
  بارجيت  باردو: الناس أحبوني عارية ورجموني لما تبت.
   في هذا القرن إلى منتصفه تقريبا دار خلاف شديد بين الإعلاميين وعلماء الاتصال حول علاقة الوسيلة الإعلامية بالجمهور المتلقي من حيث التأثر بها ، حيث قال بعضهم وهم أنصار نظرية الرصاصة الإعلامية ،أن الجمهور عبارة عن صفحة بيضاء وكل ما تقدمه وسائل الإعلام يطبع على هذه الصفحة فالجمهور عندهم لا دور له إلا التلقي ومن ثم تغيير سلوكه وتصرفاته، بمعنى أن الجمهور عجينة طرية تعجنها الوسائل الإعلامية كما تشاء، لكن نظريات أخرى ذهبت إلى أن الجمهور له دور فعال في العملية الاتصالية وهو الحلقة الهامة في سلسلة الاتصال، وظهر ما يسمى عندهم بالجمهور العنيد الذي لا يقبل أية رسالة إعلامية .
هذه المقدمة كان لا بد منها ، لأبين أن النظرية الأولى وهي نظرية الرصاصة الإعلامية لا تزال قائمة على قدميها، خاصة في البلدان الإسلامية والعربية ، حيث يكثر الجهل، التخلف ، واللاوعي ، إضافة إلى فقدان الهوية والإطار المرجعي ، وتفاقم السكيزوفرينيا (الانفصام) الذي تعيشه الأمة بين واقعها وضميرها، ومما زاد الطين بلة انبهار المسلمين بتكنولوجيا الإعلام الغربي وبهرجته، وكان ذلك راجعا إلى تقاعس دور المسجد والأسرة في احتواء المسلمين ولعل ضعف الوازع الديني كان دافعا كبيرا في هذا الطريق، مما أدى بكل هذه العوامل الى تحويل الجمهور الإسلامي الى كرة تلعب بها وسائل الاعلام كما يلعب الصبي بها، فأصبح المسلم مسيرا لا مخيرا كالريشة يتطاير عبر موجات الإذاعات والتلفزيونات، وصفحات الجرائد والمجلات، فأصبح الجمهور الإعلامي لكل ساقطة لاقطة، كالأرض الخصبة تغرس فيها الأفكار المنحرفة والمفاهيم المستوردة؛ حتى وإن كانت تصادم دينه ولا توافق معتقده وثقافته، وسنضرب على ذلك مثالا واحدا مطولا نخلص منه إلى صحة مقدمتنا.
لقد صورت وسائل الاعلام الدولية والمحلية الفن على أنه عصب الحياة لا تستقيم المعيشة إلا به، وأقصد بالفن هنا السينما والمسرح والغناء، لقد توصلت هذه الوسائل الى اقناع المسلمين أن أصحاب الفن هم أكثر الناس سعادة في الدنيا وأنهم القدوة والأسوة الحسنة في المجتمع، فهكذا ارتفعت قيمة الفنانين والفنانات بين الناس كنجوم لامعة، واقتنع المسلمون أن الفنان شخص لا كالآخرين فهو يستحق الاعجاب والتقدير بل حتى التقديس، كيف لا وصور الفنان بالألوان، وبكافة الأوضاع على الجدران في كل مكان، في الشارع والجامعة والحافلة، على الدفاتر والجرائد والمجلات والبوسترات.
ترسخ في أذهان المسلمين أن الفنان أو الفنانة تعني جمال، رشاقة، أناقة، غنى ، شهرة، احترام ، بطولة، قداسة.
وانهالت الأخبار والمقابلات الصحفية عن ومع كل ناهق للفن، أخبار عن زواج الفنان ، وطلاقه، وبيته، وسيارته، وكلبه، وقطه، فطوره، وعشائه، وحلّه وترحاله، تسريحة شعره، لباسه ، داخله ، خارجه ، حبه وبغضه، جنسه وشذوذه.
وأصبح (الفنان والفنانة) معيارا ومقياسا وذا مكانة اجتماعية، لم يكتف الإعلام بأن يسأله عن عطره المفضل ولونه المفضل، وهوايته المفضلة وعلاقاته العاطفية والجنسية، بل تجاوز ذلك كله فيأتى بالفنان الجاهل الذي لا يحسن كتابة اسمه ويسأل عن قضايا الأمة والوطن كالسياسة والاقتصاد والمجتمع، لأن كلامه مهم جدا ولا يستطيع المجتمع أن يستغني عن رأيه، وهكذا يجيبون عن أسئلة لو طرحت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر، فلا غرابة أن تسمع ممثلا كوميديا مهرجا يتحدث عن الحرب والسلام، وفنانة ساقطة تشرح أبعاد الايمان وغايات الإسلام...وهكذا تستمر المهزلة الى أن يشاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
  والحاصل بعد هذا أن الفنانين والفنانات صفوة المجتمع وبركته وهم أسعد الناس في الحياة، حتى تمنى كل مسلم ، إلا من رحم ربي وقليل ماهم أن يكون فنانا .
لكن هل الفنانون والفنانات سعداء حقا في حياتهم كما صورته وسائل الإعلام للمسلمين !؟؟
لنترك أهل الفن يجيبون عن هذا السؤال بأنفسهم، وسنختار اعتراف ثلاث فنانات عالميات:

     أولها" مارلين مونرو" شقراء هوليود، وقد صنفتها الدوائر الفنية بأنها تملك أجمل جسم فني ..هكذا حتى أن زوج أمها اغتصبها وهي في سن العاشرة . ورغم أنها بلغت من الشهرة ما بلغت، حتى كانت خليلة كبار المشاهير في العالم، وتربطها علاقات مع الرئيس الامريكي المغدور ،جون كيندي، فقد سألتها فتاة أمريكية عن أفضل طريق الى التمثيل، فأجابتها في رسالة بقولها " إلى هذه الفتاة وإلى كل فتاة ترغب في العمل في السينما، احذري المجد. احذري كل من يخدعك بالأضواء. إني أتعس امرأة في الوجود... أفضل البيت والحياة العائلية الشريفة على كل شيء... إن السعادة الحقيقية للمرأة هي في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة... بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية. لقد ظلمني الناس... وإن العمل في السينما يجعل من المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة، إني أنصح الفتيات بعدم العمل في السينما والتمثيل، فإن نهايتهن ستكون مثل نهايتي".
   وقد وجدت مارلين مونرو بعدها بأيام منتحرة، وذهبت معها شهرتها إلى الأبد.

الفنانة الثانية وهي" برجيت باردو" الممثلة الفرنسية، سألها صحفي في مقابلة " لقد كنت في يوم من الأيام رمزا للتحرر والفساد.."
أجابت قائلة "هذا صحيح ، كنت كذلك.. كنت غارقة في الفساد الذي أصبحت في وقت ما رمزا له.. لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية ورجموني عندما تبت.." ثم تقول" عندما أشاهد الآن أفلامي السابقة فإني أبصق على نفسي وأقفل الجهاز فورا.. كم كنت سافلة" ثم تقول" ..قمة السعادة للإنسان الزواج.. إذا رأيت امرأة مع زوج وأولاد أتساءل في نفسي لماذا أنا محرومة من هذه النعمة؟؟"
والآن تعيش " برجيت باردو" في شقة في باريس مع الحيوانات في بيتها وتركت التمثيل من غير رجعة .

وأما الفنانة الثالثة والأخيرة فهي "الزابيث تايلور" وقد عرفت بجمالها ورشاقتها، فلم تجد السعادة مع ما ملكته من الملايين من الدولارات والبطولة في أكبر الأفلام العالمية، فقد قالت" يظن الناس أنني سعيدة وهم مخطئون إذ إنني أشقى امرأة في العالم". وبعد هذا الاعتراف تركت الفن والاهتمام بجسمها حتى بلغ وزنها أكثر من مائة وعشرين كيلوغراما ، وتزوجت تسعة رجال خلال رحلتها الفنية، ولا تزال تتزوج وكان آخر أزواجها شاب يصغرها بعشرين عاما، وقد حاولت الانتحار أربع مرات بقطع عروق يديها وأما السعادة فلا تزال مفقودة.
والسؤال المطروح هنا لماذا لا تنشر وسائل الإعلام المحلية والدولية هذه الاعترافات الخطيرة؟؟
والجواب أن الفن عند هؤلاء وسيلة طيعة بأيديهم لإضلال الأمة الإسلامية، وثنيها عن رسالتها الحضارية في إيصال الحق وإعلاء كلمة الله، واشغالهم بهذه التفاهات العفنية لتسحمرهم، فيكونوا مركبا ذليلا للصهيونية العالمية وعملائها.
والتعتيم على توبة هؤلاء الفنانات يخدم مصالحهم بالدرجة الأولى، لكن في بلداننا الإسلامية تحول التعتيم إلى مهاجمة الفنانات التائبات أنفسهن، بالافتراء عليهن وذمّهن، كأن التوبة في حقهن عيب ومنقصة ، فقد قامت أشهر هجمة إعلامية على الفنانات التائبات في مصر مثل شمس البارودي وسهير رمزي وهالة صدقي وغيرهم.. تتهمهن وسائل الإعلام بأنهن تبن بعد أن تلقين مبالغ طائلة من رجال خليجيين، وأن بعضهن تاب لما "بقششهن" الأصوليون ترغيبا وترهيبا ، ترغيبا بالفلوس وترهيبا (بماء) النار.
لكن ليقولوا ما شاءوا فالحق أبلج والباطل لجلج، فهل توبة الفنانات الغربيات كان لنفس أسباب توبة الفنانات المصريات؟؟؟
واعترافهن لا يزيدنا إلا تمسكا بديننا وقيمنا، وأن السعادة باتباع الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وأما من تركهما فله الشقاء في الدنيا، وفي الآخرة عذاب أليم مصداقا لقول الله تعالى(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى).
ولعل هذا المقال يكون ماء يطفئ الفنانين، تلك النجوم اللامعة بدون نور ويحولها الى نجوم مظلمة وهي في الحقيقة كذلك، وينزل النجوم الصاعدة الى أسفل مكانتها، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



تم قراءة المقال 17 مرة