Your Logo Text

أيها المستكبرون على الله...
نصيحة مهداة إلى تاركي الصلاة
[صحافة اليرموك العدد ٢٦٣، السبت ٢٨  شعبان ١٤١٣ ه_ ٢٠  شباط ١٩٩٣]
كتب يزيد حمزاوي رحمه الله:
خلق الله الإنسان وأجزل عليه من النعم الظاهرة والباطنة، وكرمه وجعله في أحسن تقويم، ولم يخلق الله هذا الإنسان عبثا، بل خلقه لغاية جليلة ومقصد عظيم ألا وهو العبادة، عبادته سبحانه وتعالى وتوحيده، ومن أهم هذه العبادات الصلاة، التي جعلها عمودا للدين وركنا من أركانه، لا تستقيم حياة المؤمن وآخرته، إلا بأدائها وفقا لأركانها وواجباتها وسننها.
وكانت الصلاة منذ الأزل عنوان الصالحين وديدن الأنبياء والمرسلين إلى أن جاء آخر الزمان، فأهملت الصلاة، واستكبر البعض على الله، ولم يعد يركع له ركعة ولا يسجد له سجدة، كأنه غير مكلف، أو أنه لم يسمع عنها، أو أنها ليست من دينه.
والناس في نظرهم إلى الصلاة على أنواع فمنهم من يرى أنها موضة قديمة وآخرون يرون أنها واجبة على كبار السن، ويرى آخرون أن لا صلاة قبل التخرج ثم التوظيف ثم التزوج...
ويرى الأكثرون أنهم يحبون الصلاة وقلوبهم بيضاء، لكن تنقصهم هداية الله فقط!منتظرين بذلك ملائكة من السماء تحملهم على أكتافها إلى المسجد !
ونقول لأولئك جميعا أيا كانت نظرتكم إلى الصلاة، فأنتم على خطر عظيم إن لم تتوبوا من ترككم للصلاة، فالنار موعدكم والعذاب منتظركم.
فترك الصلاة أعظم كبيرة بعد الشرك، بل هي كفر – والعياذ بالله- وخروج عن الملة كيف لا وقد أفتى كثير من أهل العلم من الصحابة وغيرهم بكفر تارك الصلاة ووجوب قتله، وجاءوا بأدلة كثيرة نوردها لك عسى أن ترجع عن غيك وتتوب إلى ربك قبل مماتك ودفنك.
الدليل الأول: قول الله تعالى مخاطبا أهل النار (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين...) فانظر – رحمك الله- كيف أن أول جواب أهل النار عن دخولهم النار هو ترك الصلاة.
الدليل الثاني: قول الله تعالى بعدما ذكر الصالحين من الأنبياء والمرسلين الذين كانوا يقيمون الصلاة ليلا ونهارا فقال: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) والآية واضحة، ويقول بعض المفسرين إن الغي هو واد في جهنم.
الدليل الثالث:قول الله: (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين) ثم قال: (كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون) فأي دليل أوضح من هذا الوعيد لتاركي الركوع، وكم من إنسان عاش ومات وفات ولم يدخل المسجد على رجليه ليصلي، حتى دخله محمولا على أكتاف الرجال ليصلى عليه.
الدليل الرابع: قول الله تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهو سالمون) أي أنك في هذه الدنيا تدعى إلى السجود وأنت في نعيم الدنيا وسلامة العقل والبدن، لكنك ترفض السجود، فتدعى إلى السجود يوم القيامة فلا تستطيع وهذا تعجيز من الله، لأن الآخرة دار حساب وجزاء وليست دار عمل.
فكم من إنسان لم يسجد لله سجدة بينما "يسجد" لأصنامه الكثيرة: الكرة، الأفلام و... 
والدليل الخامس: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) وساهون معناها يؤخرونها عن وقتها وقد سماهم الله مصلين مع توعدهم بالعقاب، وقد فسر أحد الصحابة هذه الآية بقوله: الساهون الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها أما تركها بالكامل فهو كفر وردة.
الدليل السادس:  قول الله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) ومعنى الآية أن الذي يتوب ويصلي ويزكي فهو أخ لنا في الدين ومفهوم المخالفة أن الذي لا يتوب ولا يصلي ولا يزكي فلا أخوة دينية بيننا وبينه، والآية واضحة وضوح الشمس.
هذه بعض الأدلة من القرآن، وهي كثيرة جدا فمن يهمه دينه فليرجع إلى الكتب المطولة أو إلى العلماء العاملين فسيجد الحق المبين.
وهناك أدلة كثيرة من سنة النبي- عليه السلام- ومن كلام السلف على تكفير تارك الصلاة:
الدليل الأول: قال النبي – عليه السلام- "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" رواه مسلم.
الدليل الثاني – عليه السلام –:" العهد الذي بيننا وبينهم (الكفار) الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر" رواه أحمد وهو صحيح.
الدليل الثالث: قال النبي – عليه السلام - :" من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" أي الذي تفوته صلاة العصر فقط كما لو أنه مات كل أهله وضاع كل ماله وأصبح وترا وحيدا فقيرا، فما بالك بالذين فاتتهم آلاف الصلوات.
الدليل الرابع: قال النبي – عليه السلام -:" من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" فترك صلاة واحدة يضيع كل أعمالك الخَيّرة ويحبطها لأن الصلاة هي عماده، فمن تركها فقد هدم كل شيء.
الدليل الخامس: وهو دليل مهم جدا وواضح ودال على كفر تارك الصلاة وهو أن النبي – عليه السلام – نص على أن الخروج على الحكام ومنازعتهم لا يجوز إلا إذا رأينا كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" شرار أئمتكم (حكامكم) الذين تبغضونهم ويبغضونكم، قالوا: يارسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال:لا، ما أقاموا فيكم الصلاة" أي أن ترك إقامة الصلاة يبيح الخروج عن الولاة ولا خروج إلا إذا رأينا الكفر البواح، والقياس أن ترك الصلاة كفر بواح.
والأدلة من السنة كثيرة وننصح بمطالعة السنة النبوية لمن أراد أن يشفي غليله.
أما رأي السلف في تكفير تارك الصلاة فواضح، وقد ذكر غير واحد من العلماء إجماع الصحابة على تكفير تارك الصلاة وقد قال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي – عليه السلام – لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، وقد قال عمر بن الخطاب: لا إسلام لمن ترك الصلاة، وقال عبد الله بن عباس: (تارك الصلاة كافر)، وقال ابن مسعود:( من لم يصل فلا دين له) وكذا معاذ بن جبل وجابر بن عبد الله وأو الدرداء وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم.
ومن العلماء الذين كفّروا تارك الصلاة أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه  وعبد الله بن المبارك وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وأيوب السختياني وأبو داود الطياليسي وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة زهير بن حرب، وقد رجح ذلك الشوكاني من المتأخرين وغيرهم كثير.
وقد أفتى كل الحنابلة بكفر تارك الصلاة وبقتله، وكذا قالوا لا يجوز غسله ولا تكفينه ولا الصلاة عليه ولا دفنه في مقابر المسلمين ولا الصلاة عليه ولا الدعاء له، وفي الدنيا لا يجوز تزويجه وتفرق منه زوجته إن كان متزوجا وأولاده غير شرعيين ولا يرث ولا يورث.
أما العلماء الذين لم يكفروا تارك الصلاة فقالوا هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وأجمعوا أن تارك الصلاة في المذاهب الأربعة يستتاب، وإن لم يصل يُقتَل في اليوم الثالث أو يُسجَن إلى أن يصلي أو يموت في السجن.
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على صلواتكم، فماذا يبقى من دينكم إذا ضيعتموها وأخلدتم إلى هذه الأرض الفانية الزائلة، وحشرتم أنتم البسطاء ذوي القلوب البيضاء مع الطواغيت كفرعون وقارون وماركس ولينين، فاركع أيها العبد واسجد لله ولا تكن مستكبرا على ربك العزيز الجبار.