الأحد 11 رجب 1445

جهود الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي في الرد على شبهات المنصرين من خلال مقالاته

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

جهود الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي في الرد على شبهات المنصرين من خلال مقالاته

الدكتور محمد شريف أسواق
جامعة الجزائر 01 بن يوسف بن خدة
 
1- المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الناظر في تراث الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) يلحظ جليا مكانته المرموقة في دراسة العقيدة النصرانية ومصادرها وتاريخها، وكذا سعة اطلاعه على نشاطات المنصرين في الملتقيات والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ولمّا كان اهتمام الباحثين بالتعريف بعلماء بلدهم، ونشر تراثهم، وبيان إسهاماتهم المعرفية من أفضل ما يقدّمونه من أعمال، أراد الباحث المشاركة في ذلك ببيان جهود الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي في الرد على شبهات المنصرين من خلال مقالاته المنشورة في موقع "في طريق الإصلاح" (1).
وقد بلغ عدد مقالاته المنشورة (رحمه الله) سبعا وثمانين (87) مقالا، أكثرها في مجال مقارنة الأديان، ما يجعل منه تراثا وافرا جديرا باهتمام الباحثين وطلبة العلم.
1-1 أهمية البحث: للبحث أهمية بالغة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- المكانة المرموقة للشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله)؛ لكونه أشهر الباحثين الجزائريين الذين اهتموا بدراسة النصرانية.
- كثرة الشبهات التي يوردها المنصرون للطعن في الإسلام عبر مختلف وسائل الإعلام.
1-2 أهداف البحث: يهدف هذا البحث إلى الأهداف التالية:
- بيان خطر التنصير.
- كشف أساليب المنصرين في إيراد شبهاتهم.
- إظهار منهج الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) في الرد على شبهات المنصرين.
- إبراز جهود الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) في الرد على شبهات المنصرين.
- توجيه نظر الباحثين إلى الاهتمام بتراث الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله)، ودراسته في الرسائل أكاديمية والمقالات العلمية.
1-3 إشكالية البحث: لقد عُرف الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) بتبحره في دراسة العقيدة النصرانية من مختلف مصادرها، وبمقابلاته مع كثير من المنصرين من شتى بقاع المعمورة، وبنشره لكثير من المقالات العلمية في مجال التنصير. فالإشكالية المطروحة هي: هل للشيخ الدكتور يزيد حمزاوي جهود في الرد على شبهات المنصرين؟
1-4 الدراسات السابقة: للأسف لم يحظ الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) بدراسات تليق بمقامه، فهو يكاد يكون مغمور الذكر في الدراسات الأكاديمية على الرغم من جهوده المبذولة في مجال مقارنة الأديان عموما، والنصرانية خصوصا.
1-5 منهج البحث: سلك الباحث في هذه الدراسة المنهج التحليلي، حيث تتبع الباحث مقالات الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) المنشورة في موقع "طريق الإصلاح" واستخرج منها نماذج من ردوده على شبهات المنصرين، وحاول دراستها وتحليلها.
1-6 منهجية البحث: اشتمل البحث على مقدمة وثلاث عناصر وخاتمة:
جاءت المقدمة لبيان أهمية البحث وأهدافه، وإيراد إشكالية البحث والدراسات السابقة، مع ذكر منهج البحث ومنهجيته.
واختص العنصر الأوّل والثاني ببيان خطر المنصرين وكشف أساليبهم في إيراد الشبهات.
وارتكز العنصر الثالث على ذكر نماذج من الشبهات التي رد عليها الشيخ يزيد حمزاوي (رحمه الله).

2- خطر المنصرين:
لقد أخبرنا الله عز وجل في كتابه الكريم عن خطر أهل الكتاب فقال: {وَدَّ ‌كَثِيرٌ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}  [البقرة: 109]، قال الرازي: "فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرِيدُونَ رُجُوعَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْإِيمَانِ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ صَوَابٌ وَحَقٌّ، وَالْعَالِمُ بِأَنَّ غَيْرَهُ عَلَى حَقٍّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ رَدَّهُ عَنْهُ إِلَّا بِشُبْهَةٍ يُلْقِيهَا إِلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُحِقَّ لَا يَعْدِلُ عَنِ الْحَقِّ إِلَّا بِشُبْهَةٍ. وَالشُّبْهَةُ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا: مَا يَتَّصِلُ بِالدُّنْيَا وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَلِمْتُمْ مَا نَزَلَ بِكُمْ مِنْ إِخْرَاجِكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَضِيقِ الْأَمْرِ عَلَيْكُمْ وَاسْتِمْرَارِ الْمَخَافَةِ بِكُمْ، فَاتْرُكُوا الْإِيمَانَ الَّذِي سَاقَكُمْ إِلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَالثَّانِي: فِي بَابِ الدِّينِ: بِطَرْحِ الشُّبَهِ فِي الْمُعْجِزَاتِ أَوْ تَحْرِيفِ مَا فِي التَّوْرَاةِ" (2).
وقال تعالى: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ‌لَوْ ‌يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [آل عمران: 69]، قال الطبري: "تَمَنَّتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ والنَّصَارَى لَوْ يَصُدُّونَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَيَرُدُّونَكُمْ عَنْهُ إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، فَيُهْلِكُونَكُمْ بِذَلِكَ" (3).
وقد أشار الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) في مقالاته إلى هذا الخطر والمتمثّل في سعي الكنيسة في إخراج المسلمين جميعا من نور الإسلام إلى ظلام النصرانية، وذلك بواسطة حملات المنصرين الواسعة التي تدعمها دول كبرى ومنظمات عالمية، غايتها القريبة تنصير البلدان الإسلامية، وغايتها البعيدة استعمار هذه البلدان بثوب جديد تحت ظلّ حقوق الإنسان.
قال (رحمه الله) (4): "استمعتُ إلى أحد زعماء التنصير العالمي في أمريكا، وهو يخطب في كنيسة مليئة عن بكرة أبيها بالمنصرين، فكان مما قاله: (إنه يحمد يسوع المسيح أن أصبح العالم الإسلامي اليوم مكانًا ملائمًا للتنصير أكثر من ذي قبل)، ولقد أظهر حماسًا منقطع النظير وهو يحث كل نصراني في العالم على التوجه إلى المسلمين بالدعوة؛ لينالوا الخلاص الأبدي بدم المسيح المسفوح على الصليب، كما ورد تقرير تنصيري عن النشاط المبذول في العالم الإسلامي، جاء فيه: إن مليار مسلم سيدخلون جهنم ما لم تنقذهم الكنيسة!".
وقال أيضا (5): "هذا النمو المخيف كان سببه حملاتٍ ضخمةً من عمليات التنصير الجماعية التي تقودها جماعة المنصِّرين الإنجِيليين في كل البلدان المستهدفة، في إطار عمل منظم وجبار تقف خلفه دول ومنظمات وشبكات عالمية، بعضها هدفه التنصير فحسب، وأخرى تسعى في أجندتها إلى تحقيق أهداف جيو سياسية شديدة الخبث والمكر، لا تختلف في غاياتها الخفية عن الاستعمار القديم في ثوب جديد والأمبريالية المتوحشة السالفة في لبوس حرية المعتقد والرأي وحقوق الإنسان التي تصبّ كلها في خدمة مشروع الهيمنة والاستتباع للغرب الذي يتصرف كأنّه الإله الجديد الذي أقصى كل الآلهة الأخرى عن السيطرة والتأثير، دون أن يجهر بذلك".
3- أساليب المنصرين في التنصير:
لقد ذكر الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) جملة من الأساليب التي ينتهجها المنصرون في إلقاء شبهاتهم، وهي مفصّلة فيما يلي:
أ- تعمد الكذب: وذلك بتبني الدعاية الإعلامية اللاأخلاقية، التي تجعل من غايتها تبريرا للوسائل المستعمل، وفي مقدمتها تعمد الكذب.
قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران: 78]، قال الرازي: "وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ التَّحْرِيفِ تَغْيِيرَ أَلْفَاظِ التَّوْرَاةِ، وَإِعْرَابَ أَلْفَاظِهَا، فَالْمُقْدِمُونَ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا طَائِفَةً يَسِيرَةً يَجُوزُ التَّوَاطُؤُ مِنْهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ تَشْوِيشَ دَلَالَةِ تِلْكَ الْآيَاتِ عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِسَبَبِ إِلْقَاءِ الشُّكُوكِ وَالشُّبُهَاتِ فِي وُجُوهِ الِاسْتِدْلَالَاتِ لَمْ يَبْعُدْ إِطْبَاقُ الْخَلْقِ الْكَثِيرِ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أعلم". (6)
وقد ذكر الشيخ يزيد حمزاوي (رحمه الله) هذا في تعليقه على أحد المنشطين لبعض البرامج التنصيرية فقال (7): "كنت أُتابع كلَّ ما يتلفَّظ به في حلقات البَرْنامج، ويعلم الله كَمْ كان يتعمَّد حَبْكَ أغاليط أَشْبَه بالخرابيط عن الإِنْجيل، واختراعَ تفسيراتٍ لآيات الكتاب المقدَّس لا تَسْتند إلى عقل، وتقديم تأويلاتٍ لا تتَّفِق مع نقل، ولا يَجِد غضاضة في ذلك، كما لم يكن يتورَّع في دعوته إلى النَّصرانية عن تلفيق أدلَّته الفاسدة؛ بِغَرَض تسويق بِضاعته الكاسدة، على منوال زُمْرته من المنصرين".
ثم أضاف قائلا: "ولا غَرْو؛ فالمُنَصِّرون -خصوصًا البروتستَنْت الجدُد- يتبَنَّون بِوَقاحةٍ المنهجَ الإعلاميَّ الدعائي، الذي لا يقف عند الحدود الأخلاقيَّة، ولا يُقدِّر المسؤوليَّة الإعلامية، وقُدوتُهم في ذلك كبيرُهم الذي علَّمَهم التنصير، المزوِّر المُخَضرم بُولس، الذي ذاع صيتُه في الآفاق، وتفَكَّهَت بِمَناقبه في التَّزوير الرُّكبان، ولقد قضى هذا الذي انتحَل صفة رسول المسيح، عمرَه في التَّصحيف، وقصَدَه للانتفاع به أهلُ التحريف، فدانَتْ له الكنيسةُ حتَّى أرسى عقائدها الخبيثة، وهو الذي تُنسَب إليه نصرانيَّةُ أيامنا هذه، فهذا الأخير كان أُنْموذجًا تنصيريًّا يُحتذى، سبَق شبيهَيْه في صنعة التَّضليل والتزوير: (ميكيافيلي) مستشار الأمير، وثانيه مسؤول الدعاية النازيَّة (جوزيف جوبلز) الوزير".
وقال في مقال آخر (8): "قال الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ...} [العنكبوت: 46]، الأصل في دعوة النصارى ومجادلتهم، أن تكون بالكلمة الطيبة والتوجيه الحسن والحكمة البالغة، إلا أن من المنَصّرين وأعداء الدين من لا ينفع معه هذا الأسلوب، بل لا يخنس ويلزم حده إلا بالفضح والكشف والتقريع، لأنهم من الذين أضلَّهم اللهُ على علم، يعلمون الحق ويتعمدون تنكبه، بل إنهم يتطاولون على الإسلام ورموزه مجانا، ومن أمثال هؤلاء بعض من سيَرِدُ اسمه في هذا المقال، من الذين يتعمدون الكذب والبهتان".
ثم أضاف قائلا: "ومن بين هؤلاء نبدأ بالأب الماروني "مؤنس"، من الناشطين في مجال الإعلام النصراني اللبناني، في حلقاته التلفزيونية يُفْرغُ وسعه في بيان صحة عقيدته النصرانية، وهو أمر لا نَعيبه عليه، فهو مقتنع بنصرانيته وكتبه وإلهه الذي يعبده، وهذا شأنه، لكن ما ليس من شأنه أن يتجرأ على القرآن فيتلاعبُ بآياته ليثبت أكاذيبه، ودون ذلك خرط القتاد، وسنكون له ولأمثاله بالمرصاد".
ثمّ استطرد بقوله: "ومن تلك المحاولات غير الأخلاقية التي تعوّد عليها أنه في إحدى حلقاته استشهد بآية قرآنية، قصد بها إثبات موت المسيح على الصليب فداء لخطايا البشرية، فقرأ قول الله تعالى في سورة مريم: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33] هكذا {...يوم مِتُّ...} بدل {..أموتُ..} وهي قراءة خاطئة محرفة للقرآن، فتعمد تغيير الفعل من أموت في المضارع إلى مِتُّ في الماضي، ليوهم الناس أن القرآن يُثْبت نظرية الكنيسة في انتحار الإله على الصليب، وعملُه هذا سلوك مشين وتصرف غير أمين، وكيف يسوغ لمن يدّعي التدين بدين الفضيلة أن يسلك سبيل الكذب الصُراح والتحريف البواح ليبلغ غايته في تبليغ الدين الذي يزعم أنه حق!؟"
ب- تصيد الضعفاء: وذلك بإلقاء بعدم تفويت أي فرصة لتنصير الضعفاء علميا، ولو كان بإلقاء شبهة واحدة.
وقد أورد الشيخ يزيد حمزاوي (رحمه الله) هذا في قوله (9): "في مناظرة قصيرة انتهت بفرار المُتنصِّر، أراد أستاذ في متوسطة من مدينة البويرة تَنَصَّر قبل سنوات أن يُلقي شبهة على الماشي كعادتهم، لعلها تَعْلَقُ في قلوب الضعفاء، قال لي: إنكم تدّعون أننا نعبد ثلاثة آلهة، وأنا اكتشفت أن المسلمين يعبدون إلهين!!".
ج- تعمد المغالطات: وذلك بالانطلاق من المقدمات الخاطئة لمحاولة الوصول إلى مبتغاهم الفاسد.
وقد أشار الشيخ يزيد حمزاوي (رحمه الله) إلى هذا بقوله (10): "مِن أعمالي اليوميَّة إمضاءُ ساعات مع القنوات الفضائيَّة التنصيريَّة، أتابِع برامجها، أتفحَّص أفكارها، أعاين تكتيكاتها، أسجِّل زلاَّتها، أوثِّق تلفيقاتها وأكاذيبها وتزويرها، وفي هذا الصَّدد أَنصتُّ قبل أيام للقس البروتستنتي المصري أمير ثروت، وهو صاحِب برنامج عنوانه "لماذا المسيح هو الله"، وهو برنامج مشهور بليِّ وكسْر أعناق الآيات الإنجيليَّة؛ ليُثبت بها ألوهيةَ المسيح - عليه السلام - كما أنَّ من ميزات هذا البرنامج الهزيل أنَّ صاحبه ينتقل من مقدِّمات خاطِئة لاستنباطِ نتائجَ أسوءَ حالاً مِن مقدِّماتها".
4- نماذج من الشبهات التي رد عليها الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله):
لقد رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على جملة من شبهات المنصرين، أذكر منها أربعة، وهي مفصلة كما يلي:
4-1 شبهة تطابق نسخ الإنجيل:
تقوم هذه الشبهة على ادعاء تطابق نسخ الإنجيل؛ للحكم عليه بعدم التحريف وتكذيب القرآن الذي صرح بتحريفه، وأيضا للقول بتفضيل الإنجيل على القرآن حيث اعتبروا أن اختلاف القراءات دليل على عدم حفظ القرآن.
وقد رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) بقوله (11): "فقالوا جميعا وكانوا حوالي ستة من الأشخاص: (كل الأناجيل واحدة ولا توجد نسخة تختلف عن نسخة) !!! .... مساكين، يظنون أن إنجيلهم نسخة واحدة، وقد خدعهم المنصِرون الغربيون بذلك الادعاء العريض، فأدخلوهم في زنقة مسدودة وهم يحسبون أنهم على الطريق السريع المؤدي إلى فردوس الملكوت!!"
فأجابهم بقوله: "(إن هذه النسخة التي بين يدي هي نسخة Louis Second للبروتستنت الفركوفونيين، وهي طبعة سنة 1910م، وأنا أبحث عن طبعة سنة 1880م الأصلية لصاحبها القس السويسري الذي سُميت باسمه، وهي تختلف عن التي بين يدي في أمرين أساسيين هما:
أولا: ضَمَّن لويس طبعته مقدمة مستفيضة، أبرز فيها مشكلات المخطوطات وتضارب الطبعات اليونانية القياسية، التي تختلف فيما بينها اختلافا شديدا، وأشار إلى المترجمين والمدققين غير المعصومين الذين ارتكبوا أخطاء فادحة في عملهم، كما اعترف بضياع الأصول واعتماد الكنائس الآن فقط على نسخ لنسخ لنسخ لأشخاص مجهولين.
وثانيا: يشير صاحب الطبعة إلى نصوص كثيرة أضيفت للإنجيل لكنها لا توجد في المخطوطات، وهو اختار إبقاءها مع وضعها بين معقوفتين، ويُقر بأنه فعل ذلك لأنها ليست موجودة في أفضل وأقدم المخطوطات وأكثرها مصداقية، لقد اعتبرها ملحقة أضيفت عبر التاريخ الطويل للتزوير والتحريف)."
فأوضح لهم (رحمه الله) أن إصدارات النسخة الواحدة مختلفة فيما بينها، فكيف إذا قارناها مع بقية النسخ، ثمّ شرح لهم كيف حَذفت طبعة 1910م تلك المقدمة المهمة، وكيف تخلصت من المعقوفتين التي وردت في طبعة 1880م، وكيف مسحت المئات من الهوامش والتعليقات الموجودة في الأصل.
ففي الطبعة الأولى صرح "لويس" بوجود اختلافات كثيرة، لكن الطبعة الثانية حذفت كلامه.
وبعد هذا الجواب ذكر الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) لهم مثالا تطبيقيا عن اختلافات طبعات الكتاب المقدس في عدد مرات ذكر "يسوع"، ألخصه في الجدول التالي:
الطبعة    عدد مرات ذكر "يسوع"    الطبعة    عدد مرات ذكر "يسوع"    الطبعة    عدد مرات ذكر "يسوع"
Louis Second 1910    1237    New International Version    1283    Weymouth New Testament    990
Ostervald    1174    Jerusalem Bible New    971    Young's Literal Translation    970
Bible de Jérusalem    946    New American Bible    940    The Bible in Basic English    943
king James Version    981    French Darby Translation    955    American Standard Version    919
Good News Bible    1642    Webster's Bible    898    World English Bible    976

ففي رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة يظهر جليا سعة اطلاعه على كثير من طبعات ونسخ الكتاب المقدس بلغات مختلفة، كما يظهر اعتماده (رحمه الله) على الأمثلة التطبيقية في تقرير رده على شبهاتهم، ولا شك أن هذه الأمثلة تدل على تبحره (رحمه الله) في دراسة الكتاب المقدس.
4-2 ادعاء أن الأوامر والنواهي في الإسلام تضيق على المسلمين حياتهم:
تقوم هذه الشبهة على ادعاء أنّ الأوامر والنّواهي في الإسلام تضيّق على المسلمين حياتهم؛ للقول بتفضيل النصرانية على الإسلام لكونها خالية من التكاليف، وأنها إيمان بلا عمل.
وقد رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة بقوله (12): "يبدو -إذًا- أنَّ المنصِّرين يُطلقون آخِرَ رَصاصاتهم الفاشِلة على الإسلام هذه الأيَّام، بعدما باءتْ بالفشل الذَّريع كلُّ محاولاتهم الخائِبة لنَقْد الإسلام، وإيجاد أغلاطٍ أو أخطاء فيه، وها هُم اليوم يَجِدون -كما يزعمون- أكبرَ نقص فيه، وهو تلك التكاليف التي يفرِضها على أتباعه، فلا يسوغ للمسلِم -بزعمهم- أن يكون مسلمًا إلا إذا نفّذ قائمةً طويلة من الطقوس التعبديَّة، مما يجعل -بحسبهم- من الدِّين الإسلامي في حدِّ ذاته مجموعةً من الأوامر والنواهي، التي تُضيِّق على المسلمين حياتَهم، وتقيِّدهم بشتَّى القيود التي تحدُّ من حريَّتهم، هكذا يُصوِّر المنصِّرون عبادةَ الله والقربات إليه".
ثم قال: "وقد أنصتُّ إلى بعض مواعظِهم الهزلية التي تستميتُ في تبشير بعضِ المغفَّلين من المسلمين، فكان مما زعَمه الوعَّاظ المنصِّرون أنَّ النصرانية لا تطالب معتنقَها بالصلاة والزكاة، والحج والصوم، وغيرها من العبادات التي تُثقل الكاهِل، وتَشْغل البال، وتَزيد من الأحمال. إنَّ النصرانية إيمانٌ فحسبُ؛ أي: التصديق بأنَّ المسيح افتدَى البشرية جمعاء من الخطيئة بموْته على الصليب، وهذا الإيمانُ يكفي ليخلصَ كلَّ أحد دون أن يكلِّفه بركوع أو سجود، أو امتناع عن الطعام والشراب، أو إنفاق من المال، فهذه كلُّها طقوس لا تنفع الإنسانَ في خَلاصه، ما دام يؤمِن بالعمل البُطولي الذي أدَّاه المسيحُ عن الجميع".
ثم ذكر مستند شبهتهم بقوله: "ويستدلُّ المنصِّرون على تخرُّصاتهم بأنَّ الإنجيل خالٍ من التكاليف التعبديَّة، وآياته لا تنصُّ على التشريعات التفصيلية في شتَّى مجالات الحياة، كما يفعل الإسلام، وإنَّما كانتْ دعوة المسيح -بزعمهم- توجيهاتٍ رُوحيَّة راقية، وآداب عامَّة تزكي النفوس وتهذِّبها، وترْقَى بأصحابها إلى درجة التوحُّد مع ذات الله، فيصير أتباعُ المسيح في سلامٍ مع الله والذات، بل والأعداء، ويُبكِّت الإنجيل بشدة المتعصبين اليهودَ الذين كانوا حريصين على تنفيذِ وصايا موسى بحذافيرها، مع ذلك لم يُخلِّصْهم اتِّباعهم للوصايا التوراتية مِن الدينونة؛ لأنَّهم لم يؤمنوا بالموت الكفاري للإلهِ المتجسِّد على الصليب".
وبعدها ردّ عليهم بقوله: "إنَّ الخلاص بالنِّعمة هروبٌ من الواجِب، وتكاسُلٌ عن الطاعة، واستنكاف عن العبادة، بحُجَّة الاكتفاء بالإيمان القلْبي، إنها دعوةٌ خبيثة، أعماها خبثُها عن قراءة نصوص كتابِهم المقدَّس، الذي يحثُّهم على العمل، ويأمرهم بالعبادة، ويحضُّهم على حفْظ الوصايا والشريعة، كما أعْماهم خُبثُ تنصير المسلمين عن الاقتداء بنبيِّهم عيسى المسيح، وقد ذكَر كتابهم المزيف أنَّه اختتن وصلَّى وصام وتصدَّق، وأدَّى العبادات، وأمَر بحفْظ وصايا التوراة، ونهى عن الأعمال الرديَّة".
ثم أورد نصوص الكتاب المقدس التي تبطل ادعاءهم، وهي:
- (متى: 5/17–20):"لا تظنُّوا أني جئتُ لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئتُ لأنقض بل لأكمل، فإني الحقُّ أقول لكم: إلى أن تزولَ السماء والأرض لا يزول حرفٌ واحد أو نقطة واحدة من الناموس، حتى يكون الكل، فمَن نقض إحْدى هذه الوصايا الصُّغرى، وعلم الناس هكذا، يُدعَى أصغر في ملكوت السماوات، وأمَّا مَن عمل وعلم، فهذا يُدعَى عظيمًا في ملكوت السماوات، فإني أقول لكم: إنَّكم إن لم يزدْ بِرُّكم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوتَ السماوات".
-  (متى: 9/16–19) :"وإذا واحدٌ تقدم، وقال له: (أيُّها المعلِّم الصالح، أيَّ صلاح أعمل؛ لتكونَ لي الحياةُ الأبدية؟)، فقال له: "لماذا تدعوني صالحًا؟ ليس أحدٌ صالحًا، إلا واحد، وهو الله، ولكن إنْ أردت أن تدخل الحياة، فاحفظِ الوصايا"، قال له: (أَيَّة الوصايا؟) فقال يسوع: "لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرِمْ أباك وأمَّك، وأحبَّ قريبك كنفسك".
- (رسالة يعقوب: 2/14–26): "ما المنفعة يا إخوتي، إن قال أحد: إنَّ له إيمانًا، ولكن ليس له أعمال، هل يقدر الإيمانُ أن يُخَلِّصَه؟ إن كان أخًا وأختًا عريانين ومعتازين للقُوت اليومي، فقال لهما أحدُكم: "امضيَا بسلام، استدفئَا واشبعَا"، ولكن لم تعطوهما حاجاتِ الجسد، فما المنفعة؟، هكذا الإيمان أيضًا، إن لم يكن له أعمال، ميِّتٌ في ذاته، لكن يقول قائل: "أنت لك إيمان، وأنا لي أعمال"، أرنِي إيمانك بدون أعمالك، وأنا أُريك بأعمالي إيماني، أنتَ تؤمِن أنَّ الله واحد، حسنًا تفعل، والشياطين يؤمنون ويقشعرُّون؛ ولكن هل تريد أن تعلمَ أيها الإنسان الباطل، أنَّ الإيمان بدون أعمال ميِّت؟
ألم يتبرَّر إبراهيمُ أبونا بالأعمال؛ إذ قدَّم إسحاق ابنه على المذبح؟ فترى أنَّ الإيمان عمل مع أعماله، وبالأعمال أكْمل الإيمان، وتمَّ الكتاب القائل: "فآمن إبراهيم بالله فحسب له برًّا"، ودُعي خليلَ الله، ترون إذًا أنه بالأعمال يتبرَّر الإنسان، لا بالإيمان وحده، كذلك راحاب الزانية أيضًا، أما تبرَّرت بالأعمال، إذ قبلتِ الرسل، وأخرجتهم في طريق آخر؟ لأنَّه كما أنَّ الجسد بدون رُوح ميت، هكذا الإيمان أيضًا بدون أعمال ميِّت".
ففي رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة يظهر جليا إحاطته بموضوعات الكتاب المقدس.
4-3 شبهة زواج النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمنا عائشة (رضي الله عنها):
يسعى المنصرون من هذه الشبهة إلى الطعن في جناب النبي (صلى الله عليه وسلم) لزواجه بأمنا عائشة (رضي الله عنها) وهي في التاسعة من عمرها.
وقد ردّ الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة بقوله (13): "إذا كان قساوسة الكنائس لا يدري أحدهم عن كتابه المقدس إلا ما يقيم به بعض الطقوس الليتورجيا والتعبدية، أو إسقاط واجب الوعظ في المناسبات، فما بالك بعوام النصارى أو المتنصرين المخدوعين!، فهؤلاء يجهلون أبجديات النصرانية فضلا عن علوم اللاهوت والخريستولوجيا والنقد النصي العالي والنازل، ودراسة المخطوطات والبرديات والبحوث الكتابية والدراسات المقارنة"
ثمّ لهذا بقوله: "فقد ناقشت العشرات بل المئات من عوام النصارى، لم أكد أخرج بنتيجة واحدة معهم. في إحدى الحالات، لما كنت طالبا بقسم الإعلام والاتصال قبل ربع قرن في الأردن، كانت لي نقاشات مع شابة إعلامية أردنية "مارينا" من الروم الأرتدوكس، ... لما جلست معي أول ما تعارفنا لمناقشة النصرانية والإسلام، قالت: "أنا أنشط في إحدى الكنائس بعمّان، وأستطيع أن أجيب على اعتراضاتك بدون أدنى مشكلة"، كانت واثقة بنفسها إلى حد التخمة...لكن لما سحقتها بأدلة كالجبال على فساد معتقدها هدأت وتواضعت، لكن ما استسلمت، فأرسلتني إلى قسيسها في منطقة العبدلي بعمّان... زرته فحاورته مرارا فلم يكن مستواه بأحسن من التي استغاثت به"
ثمّ واصل كلامه بقوله: "أما مارينا، فقد درسنا سويا أربع سنوات، كنا نلتقي مع فريق المدربين والإعلاميين كل يوم خميس، في قاعة تحرير صحيفة اليرموك، وتتخلل بيننا عند جنبات القاعة نقاشات دينية جادة وحادة...، ذات مرة كنت أجلس على الحاسوب فقدمت إلى المكان وهي تعلوها ابتسامة خبيثة وتغمز بعينيها وتطعن بلسانها في زواج النبي (صلى الله عليه وسلم) بعائشة واشتهائه للنساء وارتباطه بأكثر من زوجة".
ثمّ قال (رحمه الله): "فقلت في نفسي: على نفسها جنت براقش، لم أكن لأسكت أمام هذه الإهانة، التي يحفظها النصارى والملحدون عن ظهر قلب، ويرددونها في كل مناسبة لإحراج المسلمين.. فانطلقت في هجوم مضاد ومعاكس يجتث الشرف من كتابها المقدس، وينزع العفة عن النصرانية وكنيستها وسَدَنَتِها... فبدأت بسؤالها عن نسب المسيح المتضارب بين الإصحاح الأول بإنجيل متى والإصحاح الثالث بإنجيل لوقا، فرأيت فمها قد فغر ولم تنبس ببنت شفة، ولا تلوي على شيء، ثم ثنيت بسلسلة سبع جدات للمسيح الشبقات الشهوانيات الزواني، اللائي فرّجن أرجلهن لكل عابر ـعلى حد تعبير الكتاب المقدس وليس تعبيري أناـ فأنا بريء من كل كلمة تسيء إلى أعراض الناس، خصوصا إذا كانوا أنبياء أو آلهة متجسدة!!".
كانت سلسلة نسب المسيح مسلسلة بالعاهرات التي لا تشرف إبليس، فضلا عن أن تشرف الإله المتجسد يسوع، ابتداء من بنات لوط إلى "بتشبع" زوجة داود، مرورا ب"ليىئة" زوجة يعقوب ثم "ثامار" و"راعوث" و"راحاب"...
ثمّ أبان عن قوة استحضاره لنصوص الكتاب المقدس بقوله: "ولم أكن أسرد عليها الوقائع سردا مملا بإملاء نص أو مجرد قرائته، لقد قابلت لمزها بالتصريح، وواجهت غمزها بالاسترسال دون مواربة ولا مراوغة، وإنما أعرض الحادث المفضوح تلو الآخر كأنه شريط فيديو تراه أمامها لتدرك هول الفاجعة بتفاصيلها المقززة، كانت تمسك برأسها قبل أن ينفجر، ويحمر وجهها خجلا من وحي ربها!!!"
ثمّ ختم كلامه بالإشارة إلى أنّ ذكر هذه النجاسات المليئة في الكتاب المقدس يُسلك ضرورة للردّ على اعتداءات الطاعنين وليس حال الحوار المحترم، فقال: "هذه الخاصية في تصوير فضائح الكتاب المقدس ردا على الظالمين، تكون فقط عند الضرورة الدعوية القصوى، وليس للتلذذ بها والاستمتاع بوساختها".
يظهر من رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة كثرة مناظراته لعوام النصارى وقساوستهم طيلة سنين عديدة، كما يتضح منه إحاطته بتناقضات واختلافات الكتاب المقدس، وقوة استحضاره لنصوصه، وكذا ذكره لناجاسات الكتاب المقدس إذا دعت الضرورة.
4-4 شبهة تعدد الآلهة في الإسلام:
تقوم هذه الشبهة على ادعاء تعدد الآلهة في الإسلام؛ دفاعا عن التثليث عندهم، ومحاولة منهم إلجام المسلمين عن الطعن في شركهم وبعدهم الواضح عن التوحيد الصافي النقي.
رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة بقوله (14): "في مناظرة قصيرة انتهت بفرار المُتنصِّر، أراد أستاذ في متوسطة من مدينة البويرة تَنَصَّر قبل سنوات أن يُلقي شبهة على الماشي كعادتهم، لعلها تَعْلَقُ في قلوب الضعفاء، قال لي: إنكم تدّعون أنّنا نعبد ثلاثة آلهة، وأنا اكتشفت أن المسلمين يعبدون إلهين!! فسألته مستغربا كيف ذلك!؟ قال: ذكر القرآن في سورة الزخرف {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الحَكِيمُ الْعَلِيمُ} [الآية 84]، فهناك إله في السماء وإله آخر في الأرض، فأنتم تعبدون إلهين!!!!"
ثمّ قال الشيخ يزيد حمزاوي (رحمه الله): "أردت أن أشرح له أبجديات الآية، وأن أبين له أن اللَّه يعبده أهل السماء، ويعبده أهل الأرض وهو نفس الإله، وقد ورد ذلك في قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الآية 3]، أي هو المدعو اللَّه في السماوات والأرض. فالذي يتغير في الآية مكان العبادة "السماء والأرض"، والعابدون "أهل الأرض وأهل السماء"، أما المعبود فهو واحد اللَّه الإله الفرد الصمد لا يتغير".
ثمّ غيّر طريقة الرد كي تتلاءم مع مستوى المنصّر، فقال: "ولما رأيته لا يكاد يبين في اللغة العربية، كغيره من المتنصرين فقلت له: أعرف أنك أب، وتسكن في شقة، أنت أب في غرفة النوم، وأنت أب في المطبخ، وأنت أب في غرف الأطفال...، فكم أب يوجد في بيتك؟ قال مطبخ وحمام وأربع غرف يعني ستة آباء، فخجل وضحك من نفسه ضحكا جنونيا..، ولما جاء دوري لبيان شرك النصارى بالثالوث "الأب والابن والروح القدس"، زعم أنه لم يُحضر معه أناجيله، فتهرب من المناظرة، وعلى كل حال مهما حاولوا إلقاء الشبهات فلن يفلحوا، وإذا عادت العقربُ عُدنا لها وكانت النَّعلُ لها حاضرة".
يظهر من رد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على هذه الشبهة استحضاره لآيات القرآن الكريم مع تفسيرها، وكذا تفننه في الردّ بالمنقول والمعقول، مع مراعاته مستوى المتلقي في الرد حيث كان يجيب كل واحد حسب مستواه العلمي.
5 الخاتمة: في ختام هذه مداخلة أذكر أهمّ النتائج، وهي كما يلي:
1- إطلاع الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على الكثير من طبعات ونسخ الكتاب المقدس بلغات مختلفة.
2- اعتماد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) الأمثلة التطبيقية من الكتاب المقدس في الرد على شبهات المنصرين.
3- تبحر الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) في دراسة الكتاب المقدس.
4- إحاطة الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) بموضوعات الكتاب المقدس.
5- إعتماد الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) على العقل والنقل في رده على شبهات المنصرين.
6- كثرة مناظرات الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) لعوام النصارى وقساوستهم طيلة سنين عديدة.
7- إحاطة الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) بتناقضات واختلافات الكتاب المقدس.
8- استحضار الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) لآيات القرآن الكريم مع تفسيرها.
9- تفنن الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) في الردّ على الشبهات بالمنقول والمعقول.
10- مراعاة الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) لمستوى المتلقي في الرد على الشبهات، حيث كان يجيب كل واحد حسب مستواه العلمي.
11- ذكر الشيخ الدكتور يزيد حمزاوي (رحمه الله) لنجاسات الكتاب المقدس عند الضرورة.
الهوامش
 /  ينظر:
 https://islahway.com/v2/index.phpالمختار-من-مقالات-العلماء-والدعاة/مقالات-الدكتور-يزيد-حمزاوي//الأقسام
2/  ينظر: مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، سنة: 1420 هـ، 3/651.
3/  ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، دار هجر، الرياض، ط1، سنة: 1422 هـ، 5/489 بتصرف.
4/  ينظر: مقال "تهافت المنصرين" بتاريخ الأربعاء 23 ذو الحجة 1442 / 04 أوت 2021م.
5/  ينظر: مقال "عدد الإنجيليين والملحدين.. دلالات ومعادلات" بتاريخ الأحد 23 ذو الحجة 1442 / 01 أوت 2021م.
6/  ينظر: مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، 8/269.
7/  ينظر: مقال "حلقات مفرغة لنصرانية فارغة" بتاريخ الخميس 26 ذو الحجة 1431 / 02 ديسمبر 2010م.
8/  ينظر: مقال "كشف أكاذيب عباد الصليب" بتاريخ الأحد 17 رجب 1437 هـ / 24 أفريل 2016م.
9/  ينظر: مقال "شبهة على الماشي" بتاريخ الخميس 22 ذو الحجة 1443 هـ / 21 جويلية 2022م.
10/  ينظر: مقال "أكاذيب المنصرين بخصوص السجود للمسيح" بتاريخ الاثنين 06 ذو القعدة 1442 هـ / 01 أكتوبر 2011م.
11/ ينظر: مقال "جلسة مع منصِرين أُمّيّين" بتاريخ الجمعة 11 ذو القعدة 1443هـ / 10 جوان 2022م.
12/  ينظر: مقال "المنصرون وتكتيك الخلاص بالنعمة" بتاريخ الجمعة 01 رمضان 1431هـ / 10 أوت 2010م.
13/ ينظر: مقال "عوام النصارى يُعلَّمون لا يناظَرون" بتاريخ الخميس 22 ذو الحجة 1443 هـ / 21 جويلية 2022م.
14/ ينظر: مقال "شبهة على الماشي" بتاريخ الخميس 22 ذو الحجة 1443 هـ / 21 جويلية 2022م.

6 قائمة المصادر والمراجع:
•    مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، سنة: 1420 هـ.
•    جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، دار هجر، الرياض، ط1، سنة: 1422 هـ.
•    موقع في طريق الإصلاح: https://islahway.com

تم قراءة المقال 184 مرة