الخميس 8 ربيع الأول 1443

من واجبات محقق المخطوط تحديد رواية القرآن التي كتب بها النص

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من واجبات محقق المخطوط تحديد رواية القرآن التي كتب بها النص
كتب أحد الدكاترة الأفاضل تعقيبا ينبه فيه المحققين إلى ضرورة الحفاظ على القراءة التي وردت بها الآيات في المخطوط المحقق دون تغيير لها، فذكرني بما كنت سجلته في دروس توجيه القراءات تعليقا على توجيه قراءة ابن كثير في قوله تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ) حيث قرأها القرَان وقال تلميذه إسماعيل بن عبد الله في توجيهها:"القرَان اسم وليس مهموزا لم يؤخذ من قرأت ، ولو أخذ من قرأت لكان كل ما قرئ قرآنا ولكنه اسم مثل التوراة".
فقلت :" أخذ الشافعي القراءة عن إسماعيل بن عبد الله المعروف بالقسط عن ابن كثير، وهو من روى توجيه قراءة حرف "القُرَان" عنه، وقد تنبه الشيخ أحمد شاكر لهذا الأمر ونبه على أنه يكتب لفظ القرآن في الرسالة حيث ورد بضم القاف وفتح الراء مخففة وتسهيل الهمزة (ص14)، وهذا شيء مهم يحمد عليه الشيخ، وكان جديرا به أيضا أن يضبط الآيات القرآنية الواردة في الرسالة جميعها على قراءة ابن كثير، لأن ضبط القرآن أهم من كلام الشافعي، واختلاف القراءة قد يؤثر في المعاني.
  وقد قال الشافعي في موضع مثلا :« وفي كتاب الله دِلالة عليه، قال الله تعالى : ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:106) فأخبر الله أن نسخ القرآن وتأخير إنزاله لا يكون إلا بقرآن مثله، وقال: ( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (النحل:101) (الرسالة ص108).
    فإذا ضبطنا الآية على وفق رواية حفص عن عاصم لم يتناسب ذلك مع التفسير الذي ذكر الشافعي رحمه الله حيث قال "تأخير إنزاله" الذي هو تفسر قراءة ابن كثير (أو ننسأْها).
   ومما كان ينبغي ضبطه على قراءة ابن كثير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(البقرة: 240) (الرسالة 137-138).
    وقد ضبط (وصية) بالنصب على وفق قراءة عاصم لا بالضم كما هي قراءة ابن كثير ونافع"اهـ.
أزيد على ذلك :
وكذا ينبغي أن يطبع تفسير الجلالين على هامش مصحف بقراءة أبي عمرو لا على هامش مصحف بقراءة عاصم أو نافع ، وينبغي أن تطبع كل التفاسير على هامش مصاحف وفق القراءة أو الرواية التي كان يعتمدها المفسر في تفسيره كما هو حال التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور المطبوع على هامش رواية قالون عن نافع، وربما يستثنى من هذا اللزوم التفاسير المتقدمة قبل استقرار القراءات كتفسير الطبري الذي كان له اختيار خاص؛ يختلف عن جميع القراءات التي جمعها تلميذه ابن مجاهد.

تم قراءة المقال 359 مرة